لعذر، وأما بغير عذر فاستَدَلّ به بعضهم، وتُعُقِّب، وقال ابن المنير: لو كان كذلك لَمْ يكن لأمر الأئمة بالتخفيف فائدةٌ، وفيه نظر؛ لأن فائدة اللأمر بالتخفيف المحافظة على صلاة الجماعة، ولا ينافي ذلك جواز الصلاة منفردًا، وهذا كما استَدَلّ بعضهم بالقصة على وجوب صلاة الجماعة، وفيه نحو هذا النظر، قاله في "الفتح" (?).
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: استَدَلّ أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أنه يجوز للمأموم أن يقطع القدوة، ويُتِمّ صلاته منفردًا، وإن لَمْ يخرج منها، وفي هذه المسألة ثلاثة أوجه لأصحابنا: أصحها أنه يجوز لعذر ولغير عذر، والثاني: لا يجوز مطلقًا، والثالث يجوز لعذر، ولا يجوز لغيره، وعلى هذا: العُذر هو ما يَسْقُط به عنه الجماعة ابتداءً، ويُعْذَر في التخلف عنها بسببه، وتطويل القراءة عذر على الأصح؛ لقصة معاذ -رضي اللَّه عنه-.
قال: وهذا الاستدلال ضعيف؛ لأنه ليس في الحديث أنه فارقه، وبنى على صلاته، بل في الرواية الأولى أنه سَلَّم، وقطع الصلاة من أصلها، ثم استأنفها، وهذا لا دليل فيه للمسألة المذكورة، وإنما يدُلّ على جواز قطع الصلاة وإبطالها لعذر، واللَّه أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأرجح أنه يجوز قطع الاقتداء، والصلاة وحده لعذر؛ لحديث قصّة معاذ -رضي اللَّه عنه-، حيث أقرّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجل الذي قطع الاقتداء به، وصلّى وحده، وأما إذا لَمْ يكن لعذر فلا؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصلاتان معًا؟ "، وهو حديث صحيح، أخرجه مالك، وأبو داود، فقد أنكر -صلى اللَّه عليه وسلم- على من يُصلِّي صلاةً وحده بعد أن تقام الصلاة.
والحاصل أن قطع الاقتداء لعذر، جائز، وأما لغير عذر، فلا، واللَّه تعالى أعلم.
4 - (ومنها): استحباب تخفيف الصلاة مراعاةً لحال المأمومين، وأما من قال: لا يكره التطويل إذا عَلِم رضاء المأمومين، فَيُشكِل عليه أن الإمام قد لا يَعْلَم حال من يأتي فيأتم به بعد دخوله في الصلاة، كما في حديث الباب،