بقوله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142]، قالوه تشديدًا وتغليظًا. انتهى (?).
(يَا فُلَانُ) كناية عن اسم الرجل، وإنما كنوا عنه سترًا له، وفي رواية أبي الزبير التالية: "فأخبر معاذ عنه، فقال: إنه منافق"، وفي رواية سَلِيم بن حَيّان: "فبلغ ذلك معاذًا، فقال: إنه منافق"، وفي رواية البخاريّ: "فكان معاذ تناول منه"، أي ذكره بسوء، وهو قوله: إنه منافقٌ.
ويوفّق بين الروايتين بأن معاذًا قال ذلك أَوّلًا، ثم قاله أصحاب معاذ للرجل.
(قَالَ) الرجل (لَا) أي لم أنافق (وَاللَّهِ) إنما أقسم تأكيدًا لنفيه، وقوله: (وَلَآتِيَن رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) إما معطوف على جواب القسم؛ أي واللَّه لا أنافق، ولآتينّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإما إنشاء قسم آخر، والمقسم به مقدَّر؛ أي واللَّه لآتينّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(فَلَأُخْبِرَنَّهُ) أي قول معاذ له: إنه منافق، وفي رواية أبي الزبير التالية: "فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبره ما قال معاذ"، وفي رواية النسائيّ: "فقال معاذ: لئن أصبحت لأذكرنّ ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فأرسل إليه، فقال: ما حملك على الذي صنعت؟ فقال: يا رسول اللَّه، عَمِلتُ على ناضح لي. . . "، فذكر الحديث، وكان معاذًا سبقه بالشكوي، فلما أرسل إليه جاء، فاشتكى من معاذ.
(فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء (أَصْحَابُ نَوَاضِحَ) جمع ناضح، وهي الإبل التي يُستقى عليها الماء، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: نَضَحَ البعيرُ الماء، من بابي ضَرَبَ، ونَفَعَ: حَمَله من نهر، أو بئر؛ لسقي الزرع، فهو ناضحٌ، والأنثى ناضحة بالهاء، سُمِّي ناضحًا؛ لأنه يَنْضَحُ الْعَطَشَ؛ أي يَبُلُّهُ بالماء الذي يَحْمِله، هذا أصله، ثم استُعْمِل الناضح في كلّ بعير، وإن لَمْ يَحْمِل الماء. انتهى (?).