تعالى قائمة به، وامتنع أن تكون إضافته إضافة مخلوق مربوب، وإذا كان المضاف عينًا قائمة بنفسها، كعيسى وجبريل - عَلَيْهِ السَّلَام - وأرواح بني آدم امتنع أن تكون صفة لله تعالى؛ لأن ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره، لكن الأعيان المضافة إلى الله تعالى على وجهين:

[أحدهما]: أن تضاف إليه؛ لكونه خلقها وأبدعها، فهذا شاملٌ لجميع المخلوقات، كقولهم: سماء الله، وأرض الله، فجميع المخلوقين عبيد الله، وجميع المال مال الله.

[الوجه الثاني]: أن يُضاف إليه لما خصّه به من معنى يُحبّه، ويأمر به، ويرضاه، كما خصّ البيت العتيق بعبادة فيه لا تكون في غيره، وكما يقال في مال الخمس والفيء: هو مال الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن هذا الوجه، فعباد الله هم الذين عبَدُوه، وأطاعوا أمره، فهذه إضافة تتضمّن ألوهيّته، وشرعه، ودينه، وتلك إضافة تتضمّن ربوبيته وخَلْقه. انتهى ملخّصًا (?).

وقوله: (وَرُوحٌ مِنْهُ)، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: سُمِّي عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - "روح الله"، و"روح منه"؛ لأنه حَدَث من نفخة جبريل - عَلَيْهِ السَّلَام -، فنسبه الله إليه؛ لأنه كان عن أمره، وسُمّي النفخ رُوحًا؛ لأنه ريحٌ يخرُج من الروح، قاله مكيّ، وفي هذه العبارة مسامحة، وقيل: روح منه: حياة منه، وقيل: رحمةٌ منه، والروح: الرحمة، كما قال فيه: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا} [مريم: 21]، وقيل: روح منه: برهان لمن اتّبعه، وقيل: لأنه لَمْ يكن من أب، كما في آدم: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29]، وإنما كان جعل الروح فيه بلا واسطة، قاله الحربيّ (?).

وقيل: و"روح منه"، أي مخلوقة من عنده، وعلى هذا يكون إضافتها إليه إضافة تشريف، كناقة الله، وبيت الله، وإلا فالعالم له - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، ومن عنده (?).

وقال في "الفتح": سمّاه بالروح؛ لأجل ما أقدره الله عليه من إحياء الموتي، وقيل: لكونه ذا روح، وُجِد من غير جزء من ذي روح (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015