مملوك لله، خلقه من أنثى بلا ذكر، كما قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)} [آل عمران: 59]، فليس ربًّا ولا إلهًا، قال تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36)} [مريم: 29 - 36]، وقال: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)} الآية [النساء: 172].

ولا بدّ أيضًا أن يشهد ببطلان قول أعدائه اليهود: إنه ولد بغيّ، لعنهم الله تعالى، فلا يصحّ إسلام أحد علم ما يقولونه حتى يتبرّأ من قول الطائفتين جميعًا في عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام -، ويعتقد ما قاله الله تعالى فيه: إنه عبد الله ورسوله.

وقوله: (وَكَلِمَتُهُ) قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: سُمّي عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - كلمةً؛ لأنه كان بكلمة الله، قيل: هي قوله: "كن"، فكان، وقيل: هي الرسالة التي جاء بها الملك لأمه مبشّرًا به عن أمر الله، كما ذكره في كتابه، وقال ابن عبّاس في: الكلمة اسم عيسى. انتهى (?).

وقال النوويّ: سُمّي كلمةً؛ لأنه كان بكلمة "كن" فحسب، من غير أب بخلاف غيره من بني آدم، وقال الهرويّ: سُمِّي كلمة؛ لأنه كان عن الكلمة، فسمي بها، كما يقال للمطر: رحمةٌ. انتهى (?).

وقال في "الفتح": وقوله: "وكلمته": إشارة إلى أنه حجة الله على عباده، أبدعه من غير أب، وأنطقه في غير أوانه، وأحيا الموتى على يده، وقيل: سُمِّي كلمة الله؛ لأنه أوجده بقوله: "كن"، فلما كان بكلامه سُمِّي به، كما يقال: سيف الله، وأسد الله، وقيل: لَمّا قال في صغره: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: 30] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015