وقال أيضًا: "الإله" هو الذي تالهه القلوب محبّةً وإجلالًا وإنابةً، وإكرامًا وتعظيمًا، وذُلًّا وخضوعًا، وخوفًا ورجاءً، وتوكّلًا.
وقال شيخ الإسلام: "الإله" هو المعبود المطاع، فإن الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحقّ أن يُعبَد، وكونه يستحقّ أن يُعبد هو بما اتّصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحبّ، المخضوع له غاية الخضوع، قال: فإن الإله هو المحبوب المعبود الذي تُؤَلِّهُهُ القلوب بحبها، وتخضع له، وتذلّ له، وتخافه وترجوه، وتُنيب إليه في شدائدها، وتدعوه في مهمّاتها، وتتوكّل عليه في مصالحها وتلجأ إليه، وتطمئنّ بذكره، وتسكن إلى حبّه، وليس ذلك إلَّا اللهُ وحده، ولهذا كانت "لا إله إلَّا الله" أصدق الكلام، وكان أهلها أهل الله وحزبه، والمنكرون لها أعداءه، وأهل غضبه ونقمته، فإذا صحّت صحّ بها كلّ مسألة وحال وذوق، وإذا لَمْ يُصحّحها العبد، فالفساد لازم له في علومه وأعماله. انتهى.
وقال ابن رجب: "الإله" هو الذي يُطاع فلا يُعصى هيبةً له وإجلالًا، ومحبَّةً وخوفًا ورجاء، وتَوَكُّلًا عليه، وسؤالًا منه، ودعاءً له، ولا يصلح هذا كلّه إلَّا لله - عَزَّ وَجَلَّ -، فمن أشرك مخلوقًا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهيّة كان ذلك قدحًا في إخلاصه في قوله: "لا إله إلَّا الله"، وكان فيه من عبوديّة المخلوق، بحسب ما فيه من ذلك. انتهى (?).
(وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) أي وشهِدَ بذلك، وهو معطوف على "أن لا إله إلَّا الله"، وهذان الوصفان أخصّ أوصاف النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولذا وصفه الله تعالى بالعبوديّة في أسمى المقام، فقال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1].
(وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَابْنُ أَمَتِهِ)، أي خلافًا لما يعتقده النصارى أنه ابن الله، أو ثالث ثلاثة، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا، {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} [المؤمنون: 91].
فلا بدَّ للمكلف أن يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله على علم ويقين بأنه