"أدخله الله إلخ"، أو موصولة مبتدأ خبره الجملة المذكورة (قَالَ: أَشْهَدُ) أي من تكلّم بها، عارفًا لمعناها، عاملًا بمقتضاها باطنًا وظاهرًا، فلا بدّ في الشهادتين من العلم واليقين، والعمل بمدلولهما، كما قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]، وقال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]، أما النطق بها من غير معرفة معناها، ولا يقين، ولا عمل بما تقتضيه، من البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل، فغير نافع بالإجماع (?) (أَنْ) مخفّفة من الثقيلة، أي أنه (لا إِلَهَ) أي لا معبود بحقّ (إِلَّا الله وَحْدَهُ) تأكيد للإثبات، وهو منصوب على الحال بتأويله بـ "منفردًا"، كما قال في "الخلاصة":

وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظًا فَاعْتَقِدْ ... تَنْكِيرَهُ مَعْنًى كَـ "وَحْدَكَ اجْتَهِدْ"

أي حال كونه منفردًا في ربوبيَّته، وألوهيَّته، وأسمائه وصفاته.

وقوله: (لَا شَرِيكَ لَهُ) جملة في محلّ نصب على الحال، وهو تأكيد للنفي.

[تنبيه]: قال الوزير أبو المظفر رحمه الله تعالى في "الإفصاح": قوله: "شهادة أن لا إله إلَّا الله" يقتضي أن يكون الشاهد عالِمًا بأنه لا إله إلَّا الله، كما قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]، قال: واسم "الله" مرتفع بعد "إلَّا" من حيث إنه الواجب له الإلهيّة، فلا يستحقها غيره - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، قال: وجملة الفائدة في ذلك أن تعلم أن هذه الكلمة مشتملة على الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله، فإنك لَمَّا نَفَيتَ الإلهيَّة، وأثبت الإيجاب لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - كنت ممن كفر بالطاغوت، وآمن بالله.

وقال ابن القيّم رحمه الله تعالى في "المبدائع" ردًّا لقول من قال: إن المستثنى مُخرج من المستثنى منه، قال: بل هو مخرج من المستثنى منه وحكمه، فلا يكون داخلًا في المستثني، إذ لو كان كذلك لَمْ يدخل الرجل في الإسلام بقوله: "لا إله إلَّا الله"؛ لأنه لَمْ يُثبت الإلهيّة لله تعالى، وهذه أعظم كلمة تضمّنت بالوضع نفي الإلهيّة عمّا سوى الله، وإثباتها له بوصف الاختصاص، فدلالتها على إثبات إلهيّته أعظم من دلالة قولنا: "الله إله"، ولا يستريب أحدٌ في هذا البتّة. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015