أهلُ مؤتة من أصحابه، والله أعلم، ولو صَحَّ هذا لَحُمِل عليه الحديث الذي رواه الوليد بن مسلم، عن عُفَير بن معدان، عن سُلَيم بن عامر، عن أبي أمامة - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُنزل القرآن في ثلاثة أمكنة: مكة، والمدينة، والشام"، قال الوليد: يعني بيت المقدس، وتفسير الشام بتبوك أحسن مما قال الوليد: إنه بيت المقدس. انتهى كلام ابن كثير (?)، وهو تحقيق حسنٌ، والله تعالى أعلم.
(أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ) - بفتح الميم، وتخفيف الجيم -: هو الجوع الشديد (قَالُوا) أي الصحابة الذين معه في الغزو، قال سبط ابن الْعَجَميّ في "التنبيه": لا أعرف أعيانهم، انتهى (?) (يَا رَسُولَ الله، لَوْ أَذِنْتَ لنَا) بكسر الذال، يقال: أَذِنتُ له في كذا، من باب عَلِمَ: إذا أطلقت له فعله (?).
وقولهم: "لو أذنت لنا"، من أحسن آداب خطاب الكبار، والسؤال منهم، فيقال: لو فعلتَ كذا، أو أمرت بكذا، أو لو أَذِنت في كذا، وأشرت بكذا، ومعناه لكان خيرًا، أو لكان صوابًا، ورأيًا متينًا، أو مصلحة ظاهرة، وما أشبه هذا، فهذا أجملُ من قولهم للكبير: افْعَلْ كذا بصيغة الأمر.
وفيه أنه لا ينبغي لأهل العسكر من الْغُزَاة أن يُضَيِّعُوا دوابهم التي يستعينون بها في القتال بغير إذن الإمام، ولا يأذن لهم إلَّا إذا رأى مصلحةً، أو خاف مفسدةً ظاهرةً. والله تعالى أعلم (?).
(فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا) النواضحُ: من الإبل التي يُسْتَقَى عليها، قال أبو عبيد: الذَّكَر منها ناضح، والأُنثى ناضحة، وقال الفيّوميّ: ونَضَحَ البعير الماءَ: حمله من نهر، أو بئر؛ لسقي الزرع، فهو ناضحٌ، والأنثى ناضحةٌ بالهاء، سُمّي ناضحًا؛ لأنه يَنْضَحُ العطشَ، أي يَبُلّهُ بالماء الذي يحمله، هذا أصله، ثم استُعمل الناضح في كلّ بعير، وإن لَمْ يحمل الماء، والجمع نواضح. انتهى (?).