تَبُوكُ بَوْكًا: سَمِنَت، فهي بائك، بغير هاء، وبهذا المضارع سُمِّيت غَزْوة تبوك؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - غَزَاها في شهر رجب سنة تسع، فصالح أهلها على الجزية من غير قتال، فكانت خالية من البُؤس، فأشبهت الناقة التي ليس بها هُزَالٌ، ثم سُمّيت البقعة تبوك بذلك، وهو موضع من بادية الشام، قريب من مدين الذين بعثَ اللهُ تعالى إليهم شعيبًا - عَلَيْهِ السَّلَام -. انتهى (?).

وذكر المرتضى في "التاج" أنه اختُلف في وزن تبوك، ووجه تسميتها، قال الأزهريّ: فإن كانت التاء أصليّةً، فلا أدري مم اشتقاق تبوك، وإن كانت للتأنيث في المضارع، فهي من باكت تبوك، ثم قال: وقد يكون تبوك على تَفْعول. انتهى (?).

[تنبيه]: قيل: سبب غزوة تبوك هو ما رواه البيهقي في "دلائل النبوّة" عن الحاكم، عن أحمد بن عبد البربار العُطَارديّ، عن يونس بن بكرٍ، عن عبد الحميد بن بَهْرَام، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن عبد الرَّحمن بن غَنْم، أن اليهود أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقالوا: يا أبا القاسم، إن كنت صادقًا أنك نبيّ، فالْحَقْ بالشام، فإن الشام أرض المحشر، وأرض الأنبياء، فَصدَّق ما قالوا، فغزا غزوة تبوك، لا يريد إلَّا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله آيات من سورة بني إسرائيل، بعد ما خُتِمَت السورة: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} [الإسراء: 76]، فأمره الله بالرجوع إلى المدينة، وقال: "فيها محياك ومماتك، ومنها تُبْعَث".

قال الحافظ ابن كثير: وفي هذا الإسناد نظر، والأظهر أن هذا ليس بصحيح، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يغز تبوك عن قول اليهود، وإنما غزاها امتثالًا لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123]، ولقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [التوبة: 29]، وغزاها لِيَقْتَصَّ ويَنْتَقِمَ ممن قَتَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015