(فَأَكَلْنَا وَادِّهَنِّا) قال صاحب "التحرير": ليس مقصودهم ما هو المعروف من الادِّهَان، وإنما معناه اتَّخَذنا دُهْنًا من شُحُومها. انتهى.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "افْعَلُوا") أي انحروا نواضحكم، فكلوا، وادّهنوا (قَالَ) الراوي، أبو هريرة، أو أبو سعيد (فَجَاءَ عُمَرُ) بن الخطّاب - صلى الله عليه وسلم - (فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنْ فَعَلْتَ)، أي: إن أذنت لهم فيما طلبوه من نحر نواضحهم (قَلَّ الظَّهْرُ)، قال في "اللسان": "الظَّهْرُ": الرِّكَاب التي تَحْمِل الأثقال في السفر؛ لحملها إياها على ظهورها، وبنو فلان مُظْهِرُون، إذا كان لهم ظَهْرٌ ينقلون عليه، كما يقال: مُنجِبون، إذا كانوا أصحاب نَجَائب، وقال أيضًا: "الظَّهْرُ" الإبل التي يُحْمَلُ عليها ويُركَب، يقال: عند فلان ظَهْرٌ: أي إبل، ويُجمع على ظُهْرَان بالضمّ. انتهى باختصار (?).

وقال النوويّ في "شرحه": المرادـ "الظهْرِ" هنا: الدَّوَابُّ، سُمِّيت ظهرًا؛ لكونها يُركَبُ على ظهرها، أو لكونها يُستَظهر، ويُستعان بها على السفر.

وفيه جواز الإشارة على الأئمة والرؤساء، وأن للمفضول أن يشير عليهم بخلاف ما رأوه، إذا ظهرت مصلحته عنده، وأن يشير عليه بإبطال ما أَمَرُوا بفعله (?).

(وَلَكِنْ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ)، أي مرهم بأن يأتوا بما فَضَل من أزوادهم (ثُمَّ ادْعُ اللهَ) تعالى (لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ) أصل البركة: كثرةُ الخير، وثبوته، وتبارك الله: ثبت الخير عنده، وقيل: غير ذلك (لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ) هكذا وقع في الأصول التي رأيناها، وفيه محذوف تقديره: "يَجْعَلُ في ذلك بركةً، أو خيرًا، أو نحو ذلك"، فحذف المفعول به؛ لأنه فضلة، كما قال في "الخلاصة":

وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ ... كَحَذْفِ مَا سِيقَ جَوَابًا أَوْ حُصِرْ

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ") تقدّم أنَّها للتصديق، إن وقعت بعد الماضي، نحو هل قام زيد، وللوعد إن وقعت بعد المستقبل، نحو هل تقوم، ونحو كلام عمر - رضي الله عنه - هنا؛ إذ قوله: "ادعهم بفضل أزوادهم" طلبٌ، والطلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015