5 - (ومنها): أن اللَّه تعالى جعل للملائكة قوّة الإدراك بالسمع، وهم في السماء لما يَنطِق به بنو آدم في الأرض، أو لبعض ذلك؛ لأنه جعل مكان تأمين الملائكة في السماء، ويَحتَمل أن يراد بالسماء العلو، والأولى حمله على ما تقدّم، قاله العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم.

6 - (ومنها): أنه أطلق في هذه الرواية التأمين، ولم يقيدها بالصلاة، فمن قال: يُعْمَل بالمطلق، كالحنفية والظاهرية، يقولون: إن هذا الثواب لا يتقيد بالصلاة، بل التأمين في غير الصلاة حكمه هكذا، ويقال لهم: إن الثواب مترتب على موافقة تأمين ابن آدم لتأمين الملائكة، وإنما نُقِل لنا تأمين الملائكة لتأمين المصلي، ففي رواية البخاريّ: "إذا أَمّن القارئ فأمّنوا، فإن الملائكة تؤمّن، فمن وافق تأمينه. . . " الحديث، وأما مَن حَمَل المطلق على المقيد، فإنه يَخُصّه بالصلاة؛ لرواية مسلم الآتية: "إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين. . . " الحديث (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: تقييده بالصلاة هو الأظهر، فتأمّل، واللَّه تعالى أعلم.

7 - (ومنها): ما قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أيضًا: قد يُسْتَدَلّ به على أن تأمين المأموم يستحب أن يكون بعد تأمين الإمام؛ لأنه رتّبه عليه بالفاء، وقد جزم أصحاب الشافعيّ باستحباب مقارنة الإمام فيه، فقال الرافعيّ: والأحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام، لا قبله، ولا بعده، وقال ابن الرفعة: إنه لا يستحب مساواته فيما عداه من الصلاة، قال إمام الحرمين: ويمكن تعليله بأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه.

قال العراقيّ: ويدِل عليه قوله في الرواية المتفق عليها: "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين. . . " الحديث.

وروى أبو داود من حديث بلال -رضي اللَّه عنه- أنه قال: يا رسول اللَّه لا تسبقني بآمين، وإسناده ثقات؛ إلا أن البيهقيّ صحّح رواية مَن جعله عن أبي عثمان النَّهْديّ مرسلًا، ثم رواه عن بلال -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تسبقني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015