الإمام، لا إذا ترك، وقال به بعض الشافعية، كما صرح به صاحب "الذخائر"، وهو مقتضى إطلاق الرافعيّ الخلاف، وادَّعَى النوويّ في "شرح المهذَّب" الاتفاق على خلافه، ونَصَّ الشافعيّ في "الأم" على أن المأموم يؤمِّن ولو تركه الإمام عمدًا أو سهوًا. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله الإمام الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الأمّ" هو الأرجح؛ لظاهر قوله: "وإذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين"، واللَّه تعالى أعلم.
3 - (ومنها): أن القرطبيّ استدَلّ به على تعيُّن قراءة الفاتحة للإمام، وعلى أن المأموم ليس عليه أن يقرأ فيما جَهَر به إمامه.
قال الحافظ: فأما الأول فكأنه أخذه من أن التأمين مختصّ بالفاتحة، فظاهر السياق يقتضي أن قراءة الفاتحة كانت أمرًا معلومًا عندهم، وأما الثاني فقد يدلّ على أن المأموم لا يقرأ الفاتحة حال قراءة الإمام لها، لا أنه لا يقرؤها أصلًا. انتهى.
وقال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وما أدري ما وجه الدلالة من الحديث؟ والأدلّة الصحيحة قائمة على وجوب القراءة على المأموم مطلقًا. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: استدلال القرطبيّ بهذا الحديث على أن المأموم لا يقرأ فيما جهر به الإمام عجيبٌ، فأين محلّه؟ ثم القول بعدم وجوب القراءة عليه قول ضعيف، قد تقدّم ردّه بالحديث الصحيح: "لعلكم تقرؤون وراء إمامكم؟ "، وفيه: "فلا تفعلوا إلا بأمّ القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، أخرجه أحمد، والترمذيّ، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
4 - (ومنها): أنه يستفاد من رواية الأعرج الآتية: "إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء: آمين. . . " استحباب التأمين للمنفرد والمأموم أيضًا، قال صاحب "المفهم": وقد اتّفقوا على أن الفذّ يؤمّن مطلقًا، والإمام والمأموم فيما يُسرّان فيه يؤمّنان. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: التقييد بالإسرار مما لا دليل عليه؛ بل الأحاديث الصحاح مطلقة تدلّ على أن التأمين لكلّ مصلّ في كلّ صلاة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.