بآمين"، قال البيهقيّ: فكان بلالًا كان يؤمِّن قبل تأمين النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "لا تسبقني بآمين"، كما قال: "إذا أَمَّن الإمام فأمنوا". انتهى.

8 - (ومنها): أن الإمام يجهر بالتأمين فيما يَجْهَر به من القراءة، وإلا لَمَا عَلّق تأمينهم على تأمينه، وإنما يُطَّلَع عليه بالسماع، وهذا قول الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وذهب أبو حنيفة، ومالك، في رواية عنه إلى أنه يُسِرّ به.

قال ابن دقيق العيد: ودلالة الحديث على الجهر بالتأمين أضعف من دلالته على نفس التأمين قليلًا؛ لأنه قد يدلّ دليل على تأمين الإمام من غير جهر. انتهى. وسيأتي تحقيق هذا الخلاف في المسألة التالية -إن شاء اللَّه تعالى-.

9 - (ومنها): أن مطلق الأمر بتأمين المأموم لتأمين الإمام، أن المأموم يؤمِّن، وإن كان يقرأ في أثناء فاتحة نفسه، قال العراقيّ: وهو كذلك على المشهور من الوجهين، كما قال الرافعيّ، ولكن اختلف أصحابنا -يعني الشافعيّة- هل تنقطع الموالاة بذلك حتى يجب استئنافها، أم لا تنقطع، ويَبْنِي عليها؟ على وجهين، أصحهما كما قال الرافعيّ: الثاني؛ لأنه مأمور بذلك لمصلحة الصلاة، بل زاد أبو علي الفارقيّ، صاحب الشيخ أبي إسحاق: الشيرازيّ على هذا بأن المأموم لو قرأ بعض الفاتحة في السكتة الأولى، ثم قرأ الإمام استمع المأموم، فإذأ فرغ الإمام وسكت في الثانية أتمها، ولا تبطل الصلاة؛ لأنه مأمور بهذا السكوت، فكان الفارقيّ لَحَظَ كون الفصل من مصلحة الصلاة، لكن قال المحب الطبري في "شرح التنبيه": وهذا لم أره لغيره من الأصحاب.

وذلك بخلاف المندوب الذي لا يتعلق بالصلاة، كالعاطس يحمد اللَّه في أثناء الفاتحة، فإنه يجب استئنافها، واللَّه أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: لي هنا وقفتان:

الأولى: أن ما قاله الفارقيّ: من عدم بطلان الصلاة بتفريق الفاتحة لاستماع قراءة الإمام هو الذي يترجّح عندي؛ لظهور حجّته.

الثانية: أن قوله: "بخلاف المندوب إلخ" فيه نظر لا يخفى؛ لأن حمد العاطس في أثناء الصلاة مما ورد في السنّة تقريره، فقد أخرج الترمذيّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015