(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): مشروعيّة الاستعاذة عند إرادة الدخول في الخلاء، وقد أجمع أهل العلم على استحبابها، وسواء في ذلك البنيان والصحراء؛ لأن الشياطين تحضر تلك الأمكنة؛ إذ هي مواضع يُهجر فيها ذكر الله تعالى، فينبغي تقديم الاستعاذة تحصّنًا منهم.

2 - (منها): بيان كون أماكن قضاء الحاجة تتمكن منها الشياطين، وقد أخرج أبو داود، وغيره بإسناد صحيح عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن هذه الْحُشُوش مُحتَضَرةٌ، فإذا أتى أحدكم الخلاء، فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث".

3 - (ومنها): أن محلّ الاستعاذة عند إرادة الدخول، لا بعد الدخول؛ لرواية البخاريّ في "الأدب المفرد" التي قدّمناها، فلو نسي التعوّذ فدخل، فذهب ابن عبّاس وغيره إلى كراهة التعوّذ باللسان، وأجازه بعضهم، والأول أرجح؛ لما تقدّم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر"، وهو حديث صحيح، وقد استوفيت المسألة في "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد (?).

4 - (ومنها): بيان أن لفظ الاستعاذة أن يقول: "اللهمّ إني أعوذ بك من الخبث والخبائث"، وفي الرواية الآتية: "أعوذ بالله من الخبث والخبائث"، وفي رواية عند أبي داود: "فليتعوّذ بالله"، وهو يشمل كل ما يأتي به من أنواع الاستعاذة، والله تعالى أعلم.

5 - (ومنها): ما قال ابن العربيّ - رحمه الله -: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - معصومًا من الشيطان حتى من الموكّل به بشرط استعاذته منه، ومع ذلك فقد كان اللعين يَعْرض له، عَرَضَ له ليلة الإسراء، فدفعه بالاستعاذة، وعَرَض له في الصلاة، فشدّ وثاقه، ثم أطلقه، وكان يخصّ الاستعاذة في هذا الموضع بوجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015