[أحدهما]: أنه خلاء، وللشيطان بسنّة الله تعالى قدرة تسلط في الخلاء ما ليس له في الملأ، فقد أخرج أحمد، وأبو داود، والترمذيّ بسند صحيح، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب".
[الثاني]: أنه موضع قذر ينزّه ذكر الله عن جريانه على اللسان، فيغتنم الشيطان ذلك؛ لأن الذكر يطرده، فلجأ إلى الاستعاذة قبل ذلك؛ لتكون عصمة مانعة بينه وبين الشيطان حتى يخرج، ولتعليم أمته أيضًا. انتهى.
وقال في "الفتح": كان - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ؛ إظهارًا للعبوديّة، ويجهر بها؛ للتعليم، وقد روى العمريّ هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار، عن عبد العزيز بن صُهيب بلفظ الأمر، قال: "إذا دخلتم الخلاء، فقولوا: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث"، وإسناده على شرط مسلم، وفيه زيادة التسمية، قال: ولم أرها في غير هذه الرواية. انتهى (?).
[تنبيه]: لم يُخرج المصنّف - رحمه الله - ما يقوله عند الخروج من الخلاء؛ لعدم صحّة ما ورد من ذلك، إلا ما أخرجه أحمد، وأصحاب السنن إلا النسائيّ، وصححه الحاكم وغيره، عن عائشة - رضي الله عنهما - قالت: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك".
وأما ما أخرجه ابن ماجه عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى، وعافاني"، فضعيف.
وكذا ما أخرجه الدارقطنيّ عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني، وأمسك عليّ ما ينفعني".
وكذا ما أخرجه عن ابن عمر مرفوعًا: "الحمد لله الذي أذاقني لذّته، وأبقى عليّ قوته، وأذهب عني أذاه"، فكلّها ضعاف؛ فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.