قال: والأخبار التي ذكرناها في باب إثبات التيمم للجنب المسافر الذي لا يجد الماء، دالّة على صحة ما قلناه، وقد رَوَينا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى بعينه حديثًا، ثم أخرج من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء أعرابي إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، الرجل يَعزُب ولا يَقدِر على الماء، يجامع أهله؟ قال: "نعم". انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده حجاج بن أرطاة ضعيف، فالأولى الاستدلال بما أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائيّ، أن أبا ذرّ - رضي الله عنه - قال للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إني أَعْزُبُ عن الماء، ومعي أهلي، فتُصيبني الجنابة، فأصلّي بغير طهور؟ فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الصعيد الطيّب طهورٌ ... "، وهو حديث صحيح، صححه الحاكم، وابن حبّان، وغيرهما.

وجه الدلالة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أقرّ أبا ذر - رضي الله عنه - في إصابة الجنابة له من أهله مع أنه ليس معه ماء، فدلّ على أن إتيان أهله لمن ليس معه ماء جائز، فيتيمّم بالصعيد.

والحاصل أن أرجح الأقوال قول من قال: بجواز غشيان الأهل لمن لا يجد الماء، كما رجحه ابن المنذر وغيره؛ لقوّة حجّته؛ فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في حدّ المريض الذي يباح له التيمّم:

قال الإمام ابن المنذر رحمه اللهُ: اختَلَف أهل العلم في التيمم للمريض الواجد للماء، فرخّص كثير منهم لمن به القروح، أو الجروح، أو الْجُدَريّ (?)، وخاف على نفسه أن يتيمم، وإن وَجَد الماء.

رَوَينا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - رفعه في قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015