عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما -، وحُكِي مثله عن إبراهيم النخعيّ الإمام التابعي وقيل: إن عمر، وعبد الله رجعا عنه، وقد جاءت بجوازه للجنب الأحاديث الصحيحة المشهورة، وإذا صلى الجنب بالتيمم، ثم وجد الماء وجب عليه الاغتسال بإجماع العلماء إلا ما حُكي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الإمام التابعيّ أنه قال: لا يلزمه، وهو مذهب متروك بإجماع من قبله، ومَن بعده، وبالأحاديث الصحيحة المشهورة في أمره - صلى الله عليه وسلم - للجنب بغسل بدنه إذا وَجَد الماء. انتهى كلام النوويّ رَحمه اللهُ.
وقال ابن المنذر رحمه اللهُ: وقد احتجّ غير واحد من أهل العلم في التيمم على الجنب بقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] كان معناه لا يقرب الصلاة جنب إلا أن يكون عابر سبيل مسافرًا لا يجد الماء، فيتيمم ويصلي. قال: وَرَوينا معنى هذا القول عن عليّ، وابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والحكم، والحسن بن مسلم بن يناق، وقتادة.
وبه قال الشافعيّ، والثوريّ، وأبو ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهو قول عوامّ أهل العلم من فقهاء الأمصار.
قال: وقد رَوَينا عن عمر، وابن مسعود قولًا، معناه منع الجنب التيمم، وقال النخعيّ: إذا أجنب الرجل، ولم يجد الماء فلا يتيمم ولا يصلي، وإذا وجد الماء اغتَسَل، وصلّى الصلوات.
قال ابن المنذر رحمه اللهُ: وبالقول الأول أقول. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن أرجح الأقوال هو الذي ذهب إليه الجمهور، من جواز التيمّم للجنب، بل القول بخلافه مهجور، منابذ للأدلّة الصحيحة المشهورة، كحديث عمّار - رضي الله عنه - المتّفق عليه، وسيأتي في الباب، ومنها: حديث عمران بن حصين الخزاعيّ - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا معتزلًا لم يصل في القوم، فقال: "يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم؟ "، فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء، قال: "عليك بالصعيد،