طهارة، وقد ثبت بالكتاب والسنة أنها طهارة، حتى ثبت في "الصحيح" أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سَلَّم عليه رجل، فلم يرد عليه حتى تيمم وردَّ عليه السلام، وقال: "كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" (?).

وإذا كان تطهر قبل الوقت، كان قد أحسن، وأتى بأفضل مما وجب عليه، وكان كالمتطهر للصلاة قبل وقتها، وكمن أدَّى أكثر من الواجب في الزكاة وغيرها، وكمن زاد على الواجب في الركوع والسجود، وهذا كله حسن، إذا لم يكن محظورًا، كزيادة ركعة خامسة في الصلاة، والتيممُ مع عدم الماء حسن، ليس بمحرم، ولهذا يجوز قبل الوقت للنافلة، ولمس المصحف، وقراءة القرآن، وما ذكر من الأثر عن بعض الصحابة فبعضه ضعيف، وبعضه معارَضٌ بقول غيره، ولا إجماع في المسألة، وقد قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]. انتهى كلام شيخ الإسلام رَحمه اللهُ.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي حقّقه شيخ الإسلام رَحمه اللهُ تحقيقٌ بديع مفيد جدًّا.

خلاصته أن الحقّ أن التيمّم رافع للحدث، فيجوز قبل الوقت وبعده، ويصلّي به الفرائض المتعدّدة والنوافل، كما يصلي بالوضوء من غير فرق؛ لأن الشارع جعله بدلًا عنه مطلقًا ما لم يقدر على استعمال الماء، ولا ينقضه إلا ما ينقض أصله، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، فإنه جحة العنيد وملجأ البليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في تيمّم الجنب إذا خشي على نفسه البرد:

قال النوويّ رحمه اللهُ: أجمع العلماء على جواز التيمم عن الحدث الأصغر، وكذلك أجمع أهل هذه الأعصار، ومَن قبلهم على جوازه للجنب والحائض والنفساء، ولم يخالف فيه أحدٌ من الخلف، ولا أحد من السلف إلا ما جاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015