[قيل]: أما طهارة الماسح على الخفين، فليست واجبة، بل هو مخير بين المسح وبين الخلع والغسل، ولهذا وقّتها الشارع، ولم يوقتها بدخول وقت صلاة ولا خروجها، ولكن لما كانت رخصةً ليست بعزيمة حدَّ لها وقتًا محدودًا في الزمن، ثلاثًا للمسافر، ويومًا وليلةً للمقيم، ولهذا لم يجز المسح في الطهارة الكبرى، ولهذا لما كانت طهارة المسح على الجبيرة عزيمةً لم تتوقت، بل يمسح عليها إلى أن يَحُلَّها، ويمسح في الطهارتين: الصغرى والكبرى، كما يتيمم عن الحدثين: الأصغر والأكبر، فإلحاق التيمم بالمسح على الجبيرة أولى من إلحاقه بالمسح على الخفين.

وأما ذوو الأحداث الدائمة؛ كالمستحاضة، فأولئك وُجد في حقهم السبب الموجب للحدث، وهو خروج الخارج النجس من السبيلين، ولكن لأجل الضرورة رَخَّص لهم الشارع في الصلاة معه، فجاز أن تكون الرخصة مؤقتة، ولهذا لو تطهرت المستحاضة، ولم يخرج منها شيء لم تنتقض طهارتها بخروج الوقت، وإنما تنتقض إذا خرج الخارج في الوقت، فإنها تصلي به إلى أن يخرج الوقت، ثم لا تصلي؛ لوجود الناقض للطهارة، بخلاف المتيمم، فإنه لم يوجد بعد تيممه ما ينقض طهارته.

والتيمم كالوضوء، فلا يُبطِل تيممَهُ إلا ما يبطل الوضوء، ما لم يقدر على استعمال الماء، وهذا بناء على قولنا، وقول من وافقنا على التوقيت في مسح الخفين، وعلى انتقاض الوضوء بطهارة المستحاضة، فإن هذا مذهب الثلاثة: أبي حنيفة، والشافعيّ، وأحمد.

وأما من لم ينقض الطهارة بهذا، أو لم يوقت هذا؛ كمالك، فإنه لا يصلح لمن قال بهذا القول المعارضة بهذا وهذا، فإنه لا يتوقت عنده، لا هذا ولا هذا، فالتيمم أولى أن لا يتوقت.

وقول القائل: إن القائم إلى الصلاة مأمور بإحدى الطهارتين.

[قيل]: نعم يجب عليه، لكن إذا كان قد تطهر قبل ذلك فقد أحسن، وأتى بالواجب قبل هذا، كما لو توضأ قبل هذا، فإن كونه على طهارة قبل الوقت إلى حين الوقت أحسن من أن يبقى محدثًا، وكذلك المتيمم إذا كان قد أحسن بتقديم طهارته؛ لكونه على طهارة قبل الوقت أحسن من كونه على غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015