ووَرَد عن عليّ، وعمرو بن العاص، وابن عمر مثل قولهم.

ولنا أنه قد ثَبَت بالكتاب والسنة أن التراب طهور، كما أن الماء طهور، وقد قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الصعيد الطيب طهور المسلم، ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأَمِسَّه بشرتك، فإن ذلك خير" (?)، فجعله مطهرًا عند عدم الماء مطلقًا، فدلّ على أنه مطهرٌ للمتيمم، وإذا كان قد جَعَل المتيمم مُطَهَّرًا كما أن المتوضئ مُطَهَّر، ولم يقيد ذلك بوقت، ولم يقل: إن خروج الوقت يبطله، كما ذكر أنه يبطله القدرة على استعمال الماء، دل ذلك على أنه بمنزلة الماء عند عدم الماء، وهو موجب الأصول، فإن التيمم بدل عن الماء، والبدل يقوم مقام المبدل في أحكامه، وإن لم يكن مماثلًا له في صفته، كصيام الشهرين فإنه بدل عن الإعتاق، وصيام الثلاث والسبع، فإنه بدلٌ عن الهدي في التمتّع، وكصيام الثلاثة الأيام في كفّارة اليمين، فإنه بدل عن التكفير بالمال، والبدل يقوم مقام المبدل منه، وهذا لازم لمن يقيس التيمم على الماء في صفته، فيوجب المسح على المرفقين، وإن كانت آية التيمم مطلقة، كما قاس عمّار لَمّا تمرغ في التراب، كما تتمرغ الدابة، فمسح جميع بدنه، كما يغسل جميع بدنه، وقد بَيَّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فساد هذا القياس، وأنه يجزئك من الجنابة التيمم الذي يجزئك في الوضوء، وهو مسح الوجه واليدين؛ لأن البدل لا تكون صفته كصفة المبدل، بل حكمه حكمه، فإن التيمم مسح عضوين، وهما العضوان المغسولان في الوضوء، وسقط العضوان الممسوحان، والتيمم عن الجنابة يكون في هذين العضوين، بخلاف الغسل، والتيمم ليس فيه مضمضة ولا استنشاق، بخلاف الوضوء، والتيمم لا يستحب فيه تثنية ولا تثليث، بخلاف الوضوء، والتيمم يفارق صفة الوضوء من وجوه، ولكن حكمه حكم الوضوء؛ لأنه بدل منه، فيجب أن يقوم مقامه كسائر الأبدال، فهذا مقتضى النص والقياس.

[فإن قيل]: الوضوء يرفع الحدث، والتيمم لا يرفعه.

[قيل]: عن هذا جوابان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015