وقتها، وإذا رأى المتيمم لفقد الماء ماءً وهو في الصلاة لم تبطل صلاته، بل له أن يتمها إلا إذا كان ممن تلزمه الإعادة، فإن صلاته تبطل برؤية الماء. انتهى كلام النوويّ.
قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن التيمّم رافع للحدث، وقد حقّق هذا الموضوع شيخ الإسلام رحمه اللهُ، حيث قال:
وقد تنازع العلماء في التيمم، هل يرفع الحدث رفعًا مؤقتًا إلى حين القدرة على استعمال الماء، أم الحدث قائمٌ؟ ولكنه تصح الصلاة مع وجود الحدث المانع، وهذه مسألة نظريةٌ، وتنازعوا هل يقوم مقام الماء، فيتيمم قبل الوقت كما يتوضأ قبل الوقت، ويصلي به ما شاء من فروض ونوافل، كما يصلي بالماء، ولا يبطل بخروج الوقت، كما لا يبطل الوضوء؟ على قولين مشهورين، وهو نزاع عَمَليّ:
فمذهب أبي حنيفة أنه يتيمم قبل الوقت، ويبقى بعد الوقت، ويصلي به ما شاء كالماء، وهو قول سعيد بن المسيِّب، والحسن البصريّ، والزهريّ، والثوريّ، وغيرهم، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل.
والقول الثاني أنه لا يتيمم قبل الوقت، ولا يبقى بعد خروجه.
ثم من هؤلاء من يقول: يتيمم لوقت كل صلاة، ومنهم من يقول: يتيمم لفعل كل فريضة ولا يَجمع به فرضين، وغلا بعضهم، فقال: ويتيمم لكل نافلة، وهذا القول في الجملة هو المشهور من مذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، قالوا: لأنه طهارة ضرورية، والحكم المقيد بالضرورة مقدر بقدرها، فإذا تيمم في وقت يستغني عن التيمم فيه لم يصح تيممه، كما لو تيمم مع وجود الماء.
قالوا: ولأن الله أمر كل قائم إلى الصلاة بالوضوء، فإن لم يجد الماء تيمم، وكان ظاهر الخطاب يوجب على كل قائم إلى الصلاة الوضوء والتيمم، لكن لما ثبت في الصحيح أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى الصلوات كلها بوضوء واحد، رواه مسلم في "صحيحه"، دلّت السنة على جواز تقديم الوضوء قبل وقت وجوبه، وبقي التيمم على ظاهر الخطاب.
وعَلَّل ذلك بعضهم بأنه مأمور بطلب الماء عند كل صلاة، وذلك يبطل تيممه.