وقد رَوَى أحمد من حديث أم سليم في هذه القصة: أن أم سلمة قالت: يا رسول الله، وهل للمرأة ماء؟ فقال: "هنّ شقائق الرجال".

وروى عبد الرزاق في هذه القصة: "إذا رأت إحداكنّ الماء كما يراه الرجل".

وروى أحمد من حديث خولة بنت حكيم في نحو هذه القصة: "ليس عليها غسل حتى تُنزل كما ينزل الرجل".

وفيه رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز، وإنما يُعرَف إنزالها بشهوتها، وحَمَل قوله: "إذا رأت الماء"، أي عَلِمت به؛ لأن وجود العلم هنا متعذّرٌ؛ لأنه إذا أراد به علمها بذلك، وهي نائمة، فلا يَثْبُت به حكم؛ لأن الرجل لو رأى أنه جامع، وعَلِم أنه أنزل في النوم، ثم استيقظ فلم ير بللًا، لم يجب عليه الغسل اتفاقًا، فكذلك المرأة، وإن أراد به علمها بذلك بعد أن استيقظت، فلا يصحّ؛ لأنه لا يستمر في اليقظة ما كان في النوم إن كان مشاهدًا، فحمل الرؤية على ظاهرها هو الصواب. انتهى (?).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("تَرِبَتْ يَدَاكِ)، أي افتَقَرَتْ، وصارت على التراب، وهي من الألفاظ التي تُطلق عند الزجر، ونحوه، ولا يُراد بها ظاهرها، وقد تقدّم تمام البحث فيها قريبًا، (فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟ ") الباء سببيّة، أي فبأيّ سبب يُشبهها ولدها؟ ، و"ما" استفهاميّة، ولذا حُذفت ألفها؛ عملًا بقاعدتها إذا جُرّت، كما قال في "الخلاصة":

وَ"مَا" فِي الاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ ... أَلِفُهَا وَأَوْلهَا الْهَا إِنْ تَقِفْ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أم سلمة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015