يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] و {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [االشورى: 49 - 50]. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في مذاهب أهل العلم في حكم الاحتلام:

قال أبو بكر بن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: دلَّت الأخبار عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بإيجاب الاغتسال على من احتلم.

وممن رُوي عنه أنه قال: "على المرأة الغسل بالاحتلام" عليّ، وذرّ الهمدانيّ، وبه قال مالك، والشافعيّ، وأصحابه، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا أعلم أني حفظت في ذلك اختلافًا إلا شيئًا، رُوي عن النخعيّ، رَوَينا عنه أنه قال - وقد سئل عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل، أتغتسل؟ - فقال: إنما الحيض على النساء، والحلُمُ على الرجال، قال ابن المنذر: وبالخبر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أقول.

وقال أيضًا: أجمع كلُّ من أَحفَظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا رأى في نومه أنه احتلم، أو جامع، ولم يجد بَلَلًا أنه لا غسل عليه.

واختَلَفوا فيمن رأى بِلّةً، ولم يذكر احتلامًا، فقالت طائفة: يغتسل، رُوي هذا القول عن ابن عباس، وعطاء، والشعبيّ، وابن جبير، والنخعيّ، وقال أحمد: أَعْجَب إليّ أن يغتسل إلا رجل به أَبْرِدةٌ، وقال إسحاق: يغتسل إذا كانت بِلّةَ نُطفَة.

ورَوَينا عن الحسن أنه قال: إن كان انتشر إلى أهله من أول الليل، فوجد بِلّةً فهو من ذلك، فلا يغتسل، وإن لم يكن انتشر إلى أهله، فوجد بِلّةً، فليغتسل، وقول الحسن هذا قول ثان.

وقالت طائفة: لا يغتسل حتى يُوقِن بالماء الدافق، هكذا قال مجاهد، وقال الحكم: لا يغتسل، وقال قتادة: إذا كان ماء دافقًا اغتسل، فقلت لقتادة: كيف يَعلَم ذلك؟ قال: يشمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015