قال القرطبيّ: وقيل: إنه شفع لهما هذه المدة كما صرح به في حديث جابر؛ لأن الظاهر أن القصة واحدةٌ، وكذا رجح النوويّ كون القصة واحدةً.
قال الحافظ: وفيه نظرٌ لما أوضحناه من المغايرة بينهما.
وقال الخطابيّ رحمه اللهُ: هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة، لا أن في الجريدة معنى يخصه، ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس، قال: وقد قيل: إن المعنى فيه أنه يسبِّح ما دام رطبًا، فيحصل التخفيف ببركة التسبيح، وعلى هذا فيطّرد في كل ما فيه رطوبة من الأشجار وغيرها، وكذلك فيما فيه بركة، كالذكر، وتلاوة القرآن، من باب أولى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: وكذلك فيما فيه بركة إلخ، سيأتي الردّ عليه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.
وقال الطيبيّ رحمه الله: الحكمة في كونهما ما دامتا رطبتين تمنعان العذاب، يَحتَمِل أن تكون غير معلومة لنا، كعدد الزبانية، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): قد استنكر الخطابي، ومن تبعه وَضْعَ الناس الجريد ونحوه في القبر؛ عملًا بهذا الحديث، وقال الطرطوشيّ: لأن ذلك خاص ببركة يده - صلى الله عليه وسلم -، وقال القاضي عياض: لأنه عَلّلَ غرزهما على القبر بأمر مغيب، وهو قوله: "لَيُعَذَّبان".
وتعقّب هذا صاحب "الفتح" بأنه لا يلزم من كوننا لا نعلم أيعذب أم لا؟ أن لا نتسبب له في أمر يُخفف عنه العذاب أَنْ لو عُذِّب، كما لا يمنع كوننا لا ندري أَرُحم أم لا؟ أن لا ندعو له بالرحمة، وليس في السياق ما يقطع على أنه باشر الوضع بيده الكريمة، بل يحتمل أن يكون أمر به، وقد تأسى بُريدة بن الحصيب الصحابي بذلك، فأوصى أن يوضع على قبره جريدتان كما ذكره البخاريّ عنه في "صحيحه"، وهو أولى أن يُتَّبَعَ من غيره. انتهى (?).
وقد تعقّب العينيّ في "عمدته" قوله: "وليس في السياق ما يقطع على أنه