العينيّ: ويجوز رفع "النبيّ" أيضًا؛ لصحّة المعنى عليه، ولكن إن صحّت رواية النصب يُقتصر عليها. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: لم يتعرّض أحد من شرّاح "صحيح مسلم" لبيان الرواية: هل هي بنصب "ورسول الله"، أو برفعه؟ إلا ما وقع في ضبط القلم، كما أسلفته آنفًا، والظاهر أن الوجهين جائزان، إن لم تثبت الرواية بأحدهما، فتتعيّن، فيكون المعنى على الرفع: رأيت نفسي، ورآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى النصب: رأيت نفسي، ورأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، ومما يؤكّد الرفع وقوع الفصل بـ "أنا"؛ لأن النصب لا يحتاج إليه، كما أوضحه ابن مالك رحمه الله في كلامه السابق، والله تعالى أعلم.

(نَتَمَاشَى) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي حال كوننا متماشيين (فَأتى) - صلى الله عليه وسلم - (سُبَاطَةً) تقدّم أنه بالضمّ، كالْكُنَاسة وزنًا ومعنًى (خَلْفَ حَائِطٍ) أي جدار، ويجيء بمعنى البستان، كما تقدّم، لكن الظاهر هنا الأول (فَقَامَ) - صلى الله عليه وسلم - (كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ) أي تنحّيتُ، وابتعدت منه - صلى الله عليه وسلم - حتى كنت على نَبْذة؛ أي ناحية، قال الجوهريّ: جلس فلانٌ نَبْذةً - بفتح النون، وضمّها: - أي ناحيةً، وانتبذ فلانٌ: أي ذهب ناحيةً. انتهى (?).

وإنما انتبذ حذيفة - رضي الله عنه - عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ لئلا يتأذّى به لو دنا منه بالاستحياء عن خروج شيء منه عند البول، فلما بال - صلى الله عليه وسلم - قائمًا، وأمن ما خشيه حذيفة أمره بالقرب منه.

وقال الكرمانيّ رحمه الله: وإنما بَعُد منه - صلى الله عليه وسلم -، وعينه تراه؛ لأنه كان يحرسه - صلى الله عليه وسلم -، قال العينيّ رحمه الله: هذا إنما يتأتّى قبل نزول قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحرسه جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - قبل نزولها، فلما نزلت تركوا الحراسة. انتهى (?).

(فَأشَارَ إِلَيَّ) أي أشار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى حذيفة - رضي الله عنه - بعد أن ابتعد منه إلى أن يأتيه، فيستره عن أعين الناظرين، وقد سبق في الرواية أنه قال له: "ادْنُهْ"،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015