وقد اختَلَفوا في المسح عليهما، فقالت طائفة: يمسح على الجوربين، روي إباحة المسح عليهما عن تسعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وأبي مسعود، وأنس بن مالك، وابن عمر، والبراء بن عازب، وبلال، وأبي أمامة، وسهل بن سعد.

وقال بهذا القول عطاء بن أبي رباح، والحسن، وسعيد بن المسيب كذلك قالا: إذا كانا صفيقين، وبه قال النخعيّ، وسعيد بن جبير، والأعمش، وسفيان الثوريّ، والحسن بن صالح، وابن المبارك، وزفر، وأحمد، وإسحاق، قال أحمد: قد فعله سبعة، أو ثمانية من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال إسحاق: مضت السنة من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعدهم من التابعين في المسح على الجوربين، لا اختلاف بينهم في ذلك، وقال أبو ثور: يمسح عليهما إذا كانا يمشي فيهما، وكذلك قال يعقوب ومحمد، إذا كانا ثخينين لا يَشِفّان.

واحتج هؤلاء بحديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مسح على جوربيه، ونعليه، وهو حديث صحيح، قد ذكرت ما قاله المحقّقون فيه في "شرح النسائيّ"، فراجعه.

وأنكرت طائفة المسح على الجوربين، وكرهته، وممن كره ذلك، ولم يره مالك بن أنس، والأوزاعيّ، والشافعيّ، والنعمان، وهو مذهب عطاء، وهو آخر قوليه، وبه قال مجاهد، وعمرو بن دينار، والحسن بن مسلم، ذكر هذا كلّه ابن المنذر رحمه الله (?).

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ جواز المسح على الجوربين، وقد استوفيت الأدلّة على ذلك في "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد علمًا جَمًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية عشرة): في اختلاف أهل العلم فيمن خلع خفّيه بعد المسح عليهما:

اختلفوا فيما يجب على مَن خَلَع خفيه بعد أن مسح عليهما، فقالت طائفة: يعيد الوضوء، كذلك قال النخعيّ، والزهريّ، ومكحول، وابن أبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015