(المسألة العاشرة): في اختلاف أهل العلم في جواز المسح على الْجُرْمُوق:
(اعلم): أن الْجُرموق - بضم الجيم، وسكون الراء - ويقال فيه: الموق أيضًا؛ خفّ غليظٌ يُلبس فوق الخفّ؛ قاله في "القاموس"، وقال ابن سِيده: الموق: ضرب من الخفاف، وقال الجوهريّ: الموق خفّ قصير، يُلبس فوق الخفّ، فارسيّ معرّب. انتهى.
وقد اختَلَفوا في المسح على الجرموقين، فرأت طائفة المسح عليهما، رُوي هذا القول عن النخعيّ، وقال مالك فيمن لبس زوجي خفاف إن احتاج، فالأعلى أحب إلي أن يمسح عليهما، وكان سفيان الثوريّ يرى أن يمسح على خفين، قد لبسهما على خفين، وقال أحمد: يمسح على الجرموقين فوق الخفين، وكذلك قال أصحاب الرأي، والحسن بن صالح، وكان الأوزاعيّ يرى أن يمسح على خفين، قد لبس أحدهما فوق الآخر.
وفيه قول ثان: وهو أنه لا يجوز المسح على الجرموقين، هكذا قال الشافعيّ بمصر، وقد كان يقول إذ هو بالعراق: له أن يمسح عليهما.
قال ابن المنذر: أَذِن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفاف، فإن كان الجرموقان يسميان خفين مسح عليهما، وإن لم يسميا خفين لم يمسح عليهما؛ لأن الله جلّ ذكرُهُ أمر بغسل الرجلين، وأذن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين، فليس يجوز إلا غسل الرجلين، أو المسح على الخفين. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قد سبق أن أهل اللغة سمّوا الجرموق خُفًّا، فثبت كونه خفًّا يشمله النصّ الوارد في الخفّ، فلا يُستراب في جواز المسح عليه، فالمذهب الأول هو الحقّ؛ لوضوح حجته، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الحادية عشرة): في اختلاف أهل العلم في جواز المسح على الْجَوْرَب:
(اعلم): أن الجورب هو كل ما يُلبس على القَدَم، وهو ما يسمّى بالشرّاب، وقال العينيّ: الجورب هو الذي يلبسه أهل البلاد الشاميّة الشديدة البرد، وهو يُتّخذ من غزل الصوف المفتول، يُلبس في القدم إلى ما فوق الكعب. انتهى.