ليس له أن يمسح؛ لأنه أدخل إحدى رجليه الخفّ قبل أن يُكْمِل الطهارة، وتَحِلَّ له الصلاة، وهذا قول الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك: إنما يمسح على الخفين مَن أدخلهما، وهما طاهرتان.
وفيه قول ثان، وهو أن لمن هذه حالته أن يمسح على الخفين، هذا قول يحيى بن آدم، وبه قال أبو ثور، وأصحاب الرأي، والمزنيّ، وبعض أصحابنا.
وقد احتجّ بعض أصحابنا القائلين بهذا القول بأن الرَّجُل إذا غسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، وغسل إحدى رجليه، فقد طهرت رجله التي غسلها، فإذا أدخلها الخفّ، فقد أدخلها وهي طاهرة، ثم إذا غسل الأخرى من ساعته، وأدخلها الخفّ، فقد أدخلها، وهي طاهرة، فقد أدخل مَن هذه صفته رجليه الخفّ، وهما طاهرتان، فله أن يمسح عليهما بظاهر الخبر؛ لأنه قد أدخل قدميه وهما طاهرتان، قال: والقائل بخلاف هذا القول قائل بخلاف الحديث. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يترجّح عندي هو القول الأول؛ لأن ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أدخلتهما، وهما طاهرتان" يدلّ على الطهارة الكاملة؛ لأن طهارة الوضوء لا تُسمّى طهارة إلا بكمالها، ولذا لو غسل وجهه، ويديه، وأراد مسّ مصحف بيده لا يجوز له ذلك؛ لكون هذه الطهارة غير معتبرة؛ إذ لم تكمل، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم في المسح على الخفّ المتخرّق:
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: اختَلَف أهل العلم في المسح على الخف المتخرِّق:
فقالت طائفة: يمسح على جميع الخفاف ما أمكن المشي فيها؛ لدخولهما في ظاهر أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا قول سفيان الثوريّ، وإسحاق، وذَكَر ذلك إسحاق عن ابن المبارك، وحُكِي ذلك عن ابن عيينة، وبه قال يزيد بن هارون، وأبو ثور، قال أبو ثور: ولو كان الخرق يمنع عن المسح لبيّنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.