تزول الشمس من غد، وإذا زالت الشمس من غد وجب خَلْعُ الخف، ولم يكن له أن يمسح إذا كان مقيمًا أكثر من ذلك.

ومن حجة من قال هذا القول أن المسح رخصة، فلما أحدث هذا، فأبيح له المسح، ولم يمسح، وترك ما أبيح له إلى أن جاء الوقت الذي أحدث فيه، فقد تم الوقت الذي أبيح له فيه المسح، ووجب خلع الخف.

وفي القول الثاني له أن يمسح إلى الوقت الذي مسح، وهو آخر وقت الظهر على ظاهر الحديث.

وقال بعض من يقول بالقول الثالث: لَمّا اختلف أهل العلم في هذا الباب، نظرنا إلى أقل ما قيل، وهو أن يصلي بالمسح خمس صلوات، فقلنا به، وتركنا ما زاد على ذلك؛ لِمَا اختلفوا؛ لأن الرُّخَص لا يُستعمل منها إلا أقلُّ ما قيل، وإذا اختلفوا في أكثر من ذلك وجب الرجوع إلى الأصل، وهو غسل الرجلين. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قد اتَّضح مما سبق أن أرجح الأقوال هو القول الأول، وهو أنه يبدأ من وقت المسح؛ لموافقته لظاهر الحديث، كما سبق بيانه، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في أقوال أهل العلم في اشتراط لبس الخفّ على طهارة لجواز المسح عليه:

قال ابن المنذر رحمه الله: ثابت عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للمغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - لَمّا أهوى إليه؛ لينزع خفيه: "دَعْهُما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما"، متّفقٌ عليه.

قال: وأجمع كل مَن نَحْفَظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا تطهر، فأكمل طهوره، ثم لبس الخفين، ثم أحدث، فتوضأ أن له أن يمسح على خفيه، وأجمعوا على أنه إذا توضأ، وبَقِي عليه غسل إحدى رجليه، فأدخل الرجل المغسولة في الخف، ثم غسل الأخرى، وأدخلها الخفّ إنه طاهر، وله أن يصلي ما لم يحدث، واختلفوا فيه إن أحدث، وهذه حالته، فقالت طائفة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015