بضعةٌ منك"، فدلَّ على الجواز في كلّ حال، فخرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح، وبقي ما عداها على الإباحة. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي حققه ابن أبي جمرة - رَحِمَهُ اللهُ - حسنٌ جدًّا، وحديث طلق - رضي الله عنه - الذي احتجّ به حديث صحيح رواه أصحاب السنن، والله تعالى أعلم.
وقال الإمام ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ -: الحديث يقتضي النهي عن مسّ الذكر باليمين في حالة البول، ووردت روايات أخرى في النهي عن مسّه باليمين مطلقًا، من غير تقييد بحالة البول، فمن الناس من أخذ بهذا العامّ المطلق، وقد يسبق إلى الفهم أن المطلق يُحْمَل على المقيّد، فيختصّ النهي بهذه الحالة، وفيه بحثٌ؛ لأن هذا الذي يقال يتّجه في باب الأمر والإثبات، فإنا لو جعلنا الحكم للمطلق، أو العامّ في حورة الإطلاق، أو العموم مثلًا كان فيه إخلال باللفظ الدالّ على المقيّد، وقد تناوله لفظ الأمر، وذلك غير جائز، وأما في باب النهي، فإنا إذا جعلنا الحكم للمقيّد أخللنا بمقتضى اللفظ المطلق، مع تناول النهي له، وذلك غير سائغ.
هذا كلّه بعد مراعاة أمر من صناعة الحديث، وهو أن يُنظر في الروايتين، هل هما حديث واحدٌ، أو حديثان؟ ، وذلك أيضًا بعد النظر في دلائل المفهوم، وما يُعمَل به منه، وما لا يُعمل به، وبعد أن ننظر في تقديم المفهوم على ظاهر العموم - أعني رواية الإطلاق والتقييد - فإن كان حديثًا واحدًا، مخرجه واحد، واختلف عليه الرواة، فينبغي حمل المطلق على المقيّد؛ لأنَّها تكون زيادةً من عدل في حديث واحد، فتُقبَل، وهذا الحديث المذكور راجع إلى رواية يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه. انتهى كلام ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقوله: "وهذا الحديث .. إلخ" أراد حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - المذكور هنا، يعني أنه روي بلفظ: "لا يمسكنّ أحدكم ذكره بيمينه، وهو يبول"، وبلفظ: