"نهى أن يمسّ ذكره بيمينه"، فالرواية المطلقة والمقيّدة كلتاهما من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -، فهو حديث واحد، وحينئذ يتعيّن حمل المطلق على المقيّد، ولا بدّ.
قال الصنعانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: بل التحقيق أنه ليس من المطلق والمقيّد، بل هو مقيّد لا غير؛ إذ الرواية المطلقة لَمْ تَرِد عنه - صلى الله عليه وسلم -، إنما أحد الرواة أسقط القيد نسيانًا، قال: إلَّا أنه لا يتمّ هذا إلَّا إذا ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمْ ينطق بذلك الحديث إلَّا مرّةً واحدةً مقيّدًا، ولا دليل على هذا، لِمَ لا يجوز أنه نطق به مطلقًا، ثم نطق به مقيّدًا، كما في كثير من الأحاديث؟ والتقييد زيادة من عدل، وإن كان الحديث ليس واحدًا.
وبالجملة فالتقييد زيادة، سواءٌ كانت في حديث، أو في حديثين، وإن جرى الاصطلاح بأن الزيادة إنما تُسمّى كذلك إذا كانت في حديث واحد، لكن المعنى الحاصل عنها حاصل عن الروايتين؛ إذ الفرض أنه اتّحد التكلّم والموقف، وجالله حديث التقييد بزيادة من عدل، فيجب قبولها، ويجري قبول الزيادة دليلًا لحمل المطلق على المقيّد، فلا فرق بين الحديثين والواحد، فليُتأمّل. انتهى كلام الصنعانيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو بحث نفيسى جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): قوله: "ولا يتمسّح من الخلاء بيمينه":
قال الإمام ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا يتناول القبل والدبر، وقد اختَلَف أصحاب الشافعيّ في كيفيّة التمسّح في القبل، إذا كان الحجر صغيرًا، لا بدّ من إمساكه بإحدى اليدين، فمنهم من قال: يُمسك الحجر باليمني، والذكر باليسرى، فتكون الحركة لليسرى، واليمنى قارّةٌ، ومنهم من قال: يؤخذ الذَّكر باليمنى، والحجر باليسري، وتُحرّك اليسري، والأول أقرب إلى المحافظة على الحديث؛ لأنه هناك لَمْ يتمسّح باليمين، ولا أمسك ذكره بها، بخلاف هذه