أهل الظاهر": ولو استنجى بيمينه لا يُجزيه، وهو وجه عند الحنابلة، وطائفة من الشافعيّة؛ قاله العينيّ (?).
ومال العلامة الشوكانيّ - رَحِمَهُ اللهُ - إلى رأي أهل الظاهر، حيث قال: وهو الحقّ؛ لأن النهي يقتضي التحريم، ولا صارف له، فلا وجه للحكم بالكراهة فقط. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الشوكانيّ هو الصواب، وأما ما قاله في "الفتح" من أن القرينة الصارفة للنهي عن التحريم هي أن ذلك من الآداب، فقد تعقّبه الصنعانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، فقال: ولا يخفى بُعد هذه القرينة. انتهى.
والحاصل أن كون النهي هنا للتحريم هو الأظهر؛ لعدم وجود صارف معتبر، وقولهم: "يصرفه كونه للأدب" عجيب، كيف يكون كونه أدبًا صارفًا عن التحريم؟ ، أليست كلّ الأحكام الشرعية أوامرها، ونواهيها آدابًا، وإرشادات، فهل كلّها للندب، والكراهة التنزيهيّة؟ إن هذا لهو العجب العجاب! ! ! .
وخلاصة القول أن كون الشيء أدبًا من الآداب الشرعيّة لا ينافي وجوبه، أو تحريمه، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وملجأ العنيد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): الأصحّ أن النهي عن مسّ الذكر باليمين محمول على حالة البول، فيكون ما عداه مباحًا، وقال بعضهم: يكون ممنوعًا أيضًا من بابٍ أولى؛ لأنه إذا نُهي عنه في تلك الحالة، وهي مظنّة الحاجة، فلأن يُنهى في غيرها أولى.
وتعقّبه أبو محمد بن أبي جمرة - رَحِمَهُ اللهُ - بأن مظنّة الحاجة لا تختصّ بحالة الاستنجاء، وإنما خُصّ النهي بحالة البول من جهة أن مجاور الشيء يُعطَى حكمه، فلما مُنِع الاستنجاء باليمين مُنع مسّ آلته بها حَسْمًا للمادّة، ثم استدلّ على الإباحة بقوله - صلى الله عليه وسلم - لطلق بن عليّ - رضي الله عنه - حين سأله عن مسّ الذكر: "إنما هو