واستدبارها مطلقًا إلى أن حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - لا يصلَحُ تخصيص حديث أبي أيوب - رضي الله عنه - به؛ لأنه فعلٌ في خلوة، وهو محتمِلٌ للخصوص، وحديث أبي أيوب قولٌ قُعِّدت به القاعدة، فبقاؤه على عمومه أولى.
والجواب عن ذلك أن نقول: أما فعله - صلى الله عليه وسلم -، فأقلّ مراتبه أن يُحْمَل على الجواز بدليل مطلق اقتداء الصحابة بفعله، وبدليل قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، وبدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة - رضي الله عنها - (?) حين سألتها المرأة عن قبلة الصائم: "ألا أخبرتها أني أفعل ذلك؟ " (?) وقالت عائشة رمنها: "فعلته أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاغتسلنا" (?)، تعني التقاء الختانين، وقَبِلَ ذلك الصحابة، وعَمِلُوا عليه.
وأما كون هذا الفعل في خلوة، فلا يصلح مانعًا من الاقتداء؛ لأن الحدث كلّه كذلك يُفعَلُ، ويمنَعُ أن يُفعَلَ في الملإ، ومع ذلك فقد نُقِلَ، وتُحُدّث به، سيّما وأهل بيته كانوا ينقلون ما يفعله في بيته، من الأمور المشروعة.