ليطّلع على كيفيّة جلوس النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للحدث، على تقدير أن يكون قد استَشعَرَ ذلك، وأنه تحفّظ من أن يطّلع على ما لا يجوز له، وفي هذا الثاني بُعْدٌ. انتهى (?).
(قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ) حال من الفاعل، ولابن خزيمة: "فأشرفت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو على خلائه"، وفي رواية له: "فرأيته يقضي حاجته، محجوبًا عليه بلبن"، وللحكيم الترمذيّ بسند صحيح: "فرأيته في كَنِيف"، وهو بفتح الكاف، وكسر النون، بعدها ياء تحتانية، ثم فاء، وانتَفَى بهذا إيراد مَن قال ممن يرى الجواز مطلقًا: يَحْتَمِل أن يكون رآه في الفضاء، وكونه رآه على لبنتين لا يدلّ على البناء؛ لاحتمال أن يكون جَلَس عليهما ليرتفع بهما عن الأرض، وَيرُدُّ هذا الاحتمال أيضًا أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يَرَى المنعَ من الاستقبال في الفضاء إلَّا بساتر، كما رواه أبو داود، والحاكم بسند لا بأس به (?).
[تنبيه]: قوله: "لَبِنتين": تثنية لَبِنَةٍ، واحد اللَّبِن، وهو ما يُعْمَل من الطين، ويُبْنَى به، وهو بفتح اللام، وكسر الباء، ويجوز إسكان الباء، مع فتح اللام، ومع كسرها، وكذا كلُّ ما كان على هذا الوزن، أعني مفتوح الأول، مكسور الثاني يجوز فيه الأوجه الثلاثة، كَكَتِفٍ، فإن كان ثانيه، أو ثالثه حرف حلق، جاز فيه وجهٌ رابعٌ، وهو كسر الأول والثاني، كَفَخِذٍ (?)، والله تعالى أعلم.
(مُسْتَقْبِلًا) منصوبٌ على الحال كسابقه، إما على الترادف، أو التداخل، وقوله: (بَيْتَ الْمَقْدِسِ) منصوب على المفعوليّة لـ "مستقبلًا"، وقوله: (لِحَاجَتِهِ) متعلّق بـ"قاعدًا"، أو بخبر لمبتدأ محذوف، أي وذلك كائن لحاجته، واللام فيه للتعليل؛ أي لأجل قضاء حاجته، ويحتمل أن تكون للتوقيت، أي وقت قضاء حاجته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، والمستعان، وعليه التكلان.