أخته، فله منه سبب، وحيث أضافه إلى حفصة كان باعتبار أنه البيت الذي أسكنها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه، واستمرّ في يدها إلى أن ماتت، فورثه عنها، وحيث أضافه إلى نفسه كان باعتبار ما آل إليه الحال؛ لأنه وَرِث حفصة دون إخوته؛ لكونها كانت شقيقته، ولم تترك من يحجبه عن الاستيعاب، قاله في "الفتح" (?).

(فَرَأَيْتُ) عطف على "رَقِيتُ"، وهو بمعنى أبصرتُ، فلا يقتضي إلَّا مفعولًا واحدًا، وهو قوله: (رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) [فإن قلت]: كيف نظر ابن عمر - رضي الله عنهما - إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو في تلك الحالة، ولا يجوز له ذلك؟ .

[أجيب]: بأنه لَمْ يقصد الإشراف عليه - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحالة، وإنما صَعِد السطح لضرورة له، كما قال في رواية للبيهقيّ، من طريق نافع، عن ابن عمر: "فحانت منه التفاتة"، نعم لَما اتّفَقَت له رؤيته في تلك الحالة من غير قصد أَحَبَّ أن لا يُخْلِي ذلك من فائدة، فحفظ هذا الحكم الشرعيّ، وكأنه إنما رآه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذور، ودَلّ ذلك على شدّة حرص الصحابيّ - رضي الله عنه - على تتبع أحوال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ ليتبعها، وكذا كان - رضي الله عنه -، أفاده في "الفتح" (?).

وقال في "العمدة": وقعت منه تلك الرؤية اتّفاقًا من غير قصد لذلك، فنَقَلَ ما رآه، وقصده ذلك لا يجوز، كما لا يتعمّد الشهود النظر إلى الزنا، ثم يجوز أن تقع أبصارهم عليه، ويتحضلوا الشهادة بعد ذلك.

وقال الكرمانيّ: يحتمل أن يكون ابن عمر - رضي الله عنهما - قَصَدَ ذلك، ورأى رأسه دون ما عداه من بدنه، ثم تأمّل قعوده، فعرف كيف هو جالس ليستفيد فعله، فنقل ما شاهد. انتهى (?).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الرُّقيّ من ابن عمر - رضي الله عنهما - الظاهر منه أنه لَمْ يكن عن قصد الاستكشاف، وإنما كان لحاجةٍ غير ذلك، ويَحْتَمِلُ أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015