[فائدة]: وردت أحاديث في النهي عن الجماع متجرّدًا، ولكنها أحاديث ضعيفة، فمنها ما أخرجه النسائيّ، والطبرانيّ عن عبد الله بن سَرْجِس - رضي الله عنه -، مرفوعًا: "إذا أتى أحدكم أهله، فليستتر، ولا يتجرّدا تجرّد الْعَيْرَيْن"، وهو حديث ضعيف (?)، وأخرجه ابن ماجة بسند ضعيف، عن عتبة بن عبد السُّلَميّ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم أهله فليستتر، ولا يتجرد تجرد الْعَيْرَيْنِ" (?)، وأخرجه الطبرانيّ من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، وهو أيضًا ضعيف.

والحاصل أن الأحاديث الواردة في هذا غير صحيحة، لكن التستر أفضل، لحديث: "إن الله حَيِيّ سَتِير، يحبّ الحياء والسَّتر ... " الحديث، أخرجه أبو داود، والنسائيّ بإسناد صحيح، فتبصر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): قال الإمام ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا: أُولِعَ بعض أهل العصر، وما يَقرُب منه بأن قالوا: إن صيغة العموم إذا وردت على الذوات مثلًا، أو على الأفعال، كانت عامّةً في ذللث، مطلقةً في الزمان والمكان، والأحوال، والمتعلّقات، ثم يقولون: المطلق يكفي في العمل به سورة واحدة، فلا يكون حجةً فيما عداها، وأكثروا من هذا السؤال فيما لا يُحصى من ألفاظ الكتاب والسنّة، وصار ذلك ديدنًا لهم في الجدال.

فمثلًا يقولون: قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} الآية [النور: 2] قد حصل الامتثال بجلده - صلى الله عليه وسلم - لمن أتى ذلك في عصره، فلا حجة فيه على جلد من أتى هذه الفاحشة بعده، وكذلك {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} الآية [المائدة: 38]، وفي الأحاديث، كحديث أبي أيوب - رضي الله عنه - هذا يقولون مثل ذلك.

قال: وهذا عندنا باطلٌ، بل الواجب أن ما دلّ على العموم في الذوات مثلًا يكون دالّا على ثبوت الحكم في كلّ ذات تناولها اللفظ، ولا تخرج عنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015