تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: 151]، ونظائره، ويدلّ على عدم تعيين الحجر نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن العظام والبعر والرجيع، ولو كان الحجر متعينًا لنهى عما سواه مطلقًا. قال: قال أصحابنا - يعني الشافعيّة -: والذي يقوم مقام الحجر كلُّ جامدٍ طاهرٍ مزيلٍ للعين، ليس له حرمة، ولا هو جزء من حيوان. قالوا: ولا يشترط اتحاد جنسه، فيجوز في القبل أحجار، وفي المدبر خِرَق، ويجوز في أحدهما حجر مع خرقتين، أو مع خرقة وخشبة، ونحو ذلك. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - تحقيقٌ حسنٌ جدًّا.

والحاصل أن الأولى كون الاستنجاء بثلاثة أحجار، ولا يُشترط ذلك؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، حيث قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ائتني بثلاثة أحجار، ولا تأتني بعظم، ولا روث"، رواه البخاريّ، فإن نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن إتيانه بعظمٍ، وروث، يدلّ على جواز إتيانه بغيرهما، فدلّ على أن الأحجار ليست متعيّنة، ولولا هذا لكان الحقّ مع من اشترط الأحجار؛ لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار"، رواه مسلم.

وهذا هو الجواب الذي أشرت إليه في تعقّب كلام ابن المنذر السابق، فتأمّله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في أقوال أهل العلم في الاستنجاء بالرَّجِيع، والعظم:

قال الإمام ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الاستنجاء بالروث والعظام، قال: فلا يجوز الاستنجاء بشيء مما نَهَى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا بما قد استنجى به مرّةً، إلَّا أن يُطهَّر بالماء، ويرجع إلى حالة الطهارة، وقال سفيان الثوريّ: لا يستنجي بعظم، ولا رجيع، ويُكره أن يستنجي بماء قد استنجى به، وقال إسحاق، وأبو ثور: لا يجوز الاستنجاء بعظم، وغيره، مما نَهَى عنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال الشافعيّ: لا يستنجي بعظمِ ذَكيّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015