ولا ميتٍ؛ للنهي عن العظم مطلقًا، ولا بحُمَمَة (?). انتهى كلام ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه النهيُ عن الاستنجاء بالنجاسة، ونَبَّهَ - صلى الله عليه وسلم - بالرجيع على جنس النجس، فإن الرجيع هو الروث، وأما العظم فلكونه طعامًا للجنّ، فنبه على جميع المطعومات، وتلتحق به المحترمات، كأجزاء الحيوان، وأوراق كتب العلم، وغير ذلك، ولا فرق في النجس بين المائع والجامد، فإن استنجى بنجس لَمْ يصحّ استنجاؤه، ووجب عليه بعد ذلك الاستنجاء بالماء، ولا يجزئه الحجر؛ لأن الموضع صار نجسًا بنجاسة أجنبية، ولو استنجى بمطعوم أو غيره من المحترمات الطاهرات، فالأصح أنه لا يصح استنجاؤه، ولكن يجزئه الحجر بعد ذلك إن لَمْ يكن نقل النجاسة من موضعها، وقيل: إن استنجاءه الأول يجزئه مع المعصية. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:
[613] ( ... ) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَن، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَش، وَمَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ لَنَا الْمُشْرِكُونَ (?): إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ، حَتَّى يُعَلِّمَكُمُ الْخِرَاءَةَ، فَقَالَ: أَجَلْ، إِنَّهُ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِه، أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْث، وَالْعِظَام، وَقَالَ: "لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثةِ أَحْجَارٍ").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى) أبو موسى الْعَنَزيّ المذكور في الباب الماضي.