للخروج من خلاف العلماء، ولا تُطلَق عليه الكراهة؛ للأحاديث الصحيحة فيه. انتهى.
(الثالثة): أنه يجوز الجماع مستقبل القبلة في الصحراء والبنيان، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعيّ، وأحمد، وداود الظاهريّ، واختَلَف فيه أصحاب مالك، فجوَّزه ابن القاسم، وكرهه ابن حبيب، والصواب الجواز، فإن التحريم إنما يثبت بالشرع، ولم يَرِد فيه نَهْيٌ، والله تعالى أعلم بالصواب.
(الرابعة): أنه لا يحرم استقبال بيت المقدس، ولا استدباره بالبول والغائط، لكن يكره.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا أطلق النوويّ الكراهة، وهو محلّ نظر؛ لأنه ليس عليها دليلٌ، والله تعالى أعلم بالصواب.
(الخامسة): إذا تجنب استقبال القبلة، واستدبارها حال خروج البول والغائط، ثم أراد الاستقبال، أو الاستدبار حال الاستنجاء جاز. انتهت هذه الفوائد منقولة عن النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهي فوائد حسان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم الاستنجاء بالحجارة:
قال الإمام أبو بكر بن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرهم بثلاثة أحجار، وقد اختَلَف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومَن بعدهم في الاستنجاء، فرأت طائفة منهم الاستنجاء بالأحجار، وممن كان يستنجي بثلاثة أحجار: ابنُ عمر، ورُوي ذلك عن خزيمة بن ثابت، وهو قول الحسن، وسعيد بن المسيب، ورَوَينا عن عمر بن الخطاب أنه بال، ثم أَخَذ حجرًا، فمسح به ذكره.
قال: وممن رُوي عنه أنه أنكر الاستنجاء بالماء حذيفةُ، وسعد بن مالك، وابن الزبير، ثم أخرج بسنده أن حذيفة - رضي الله عنه - سئل عن الاستنجاء بالماء؟ فقال: إذن لا يزال في يدي نَتْنٌ، وأخرج بسنده عن عبد الله بن الزبير أنه قال: لعن الله غاسل استه، وعن سعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه - أنه مرّ برجل يبول، فغسل أثر