النهي: "الرخصة في ذلك في البيوت"، وهو أعدل المذاهب؛ لجمعه بين الأدلّة - كما قال النوويّ، والحافظ - رحمهما الله تعالى -.

والحاصل أنه يجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان، لا في الصحراء؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الآتي، وقد استوفيت مباحث هذه المسألة في "شرح النسائيّ"، فراجعها تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[فوائد]: ذكرها النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرحه" (?):

(الأولى): قال - رَحِمَهُ اللهُ -: المختار عند الشافعيّة: أنه إنما يجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان إذا كان قريبًا من ساتر، من جُدْران ونحوها، بحيث يكون بينه وبينه ثلاثة أذرع فما دونها، وأن يكون الحائل مرتفعًا بحيث يَستُر أسافل الإنسان، وقدَّروه بآخرة الرَّحْل، وهي نحو ثلثي ذراع، فإن زاد ما بينه وبينه على ثلاثة أذرع، أو قصر الحائل عن آخرة الرحل، فهو حرام كالصحراء، إلا إذا كان في بيت بُنِي لذلك، فلا حجْر فيه كيف كان، قالوا: ولو كان في الصحراء، وتستر بشيء على الشرط المذكور زال التحريم، فالاعتبار بوجود الساتر المذكور وعدمه، فيحلّ في الصحراء والبنيان بوجوده، ويحرم فيهما لعدمه، هذا هو الصحيح المشهور عند أصحابنا، ومنهم من اعتبر الصحراء والبنيان مطلقًا، ولم يعتبر الحائل، فأباح في البنيان بكل حال، وحَرَّم في الصحراء بكل حال، والصحيح الأول، وفرَّعوا عليه، فقالوا: لا فرق بين أن يكون الساتر دابةً، أو جدارًا، أو وَهْدةً، أو كثيب رمل، أو جبلًا، ولو أرخى ذيله في قُبالة القبلة، ففي حصول السَّتر وجهان لأصحابنا، أصحهما عندهم، وأشهرهما أنه ساتر؛ لحصول الحائل. انتهى، وهو بحثٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم بالصواب.

(الثانية): حيث جَوَّزنا الاستقبال والاستدبار، قال جماعة من أصحابنا: هو مكروه، ولم يذكر الجمهور الكراهة، والمختار أنه لو كان عليه مشقة في تكلُّف التحرف عن القبلة، فلا كراهة، وإن لم تكن مشقة، فالأولى تجنبه؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015