7 - (ومنها): بيان النهي عن الاستنجاء بأقلّ من ثلاثة أحجار، وأن ما دونها لا يجزئ؛ لأن قوله: "أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار" نصّ صريحٌ صحيحٌ في أن استيفاء ثلاث مسحات واجبٌ، لا بد منه، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، وهذا هو المذهبُ الحقّ، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة السادسة - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم استقبال القبلة، واستدبارها حال قضاء الحاجة:

قال الإمام أبو بكر بن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: قد اختَلَف أهل العلم في هذا الباب:

فذهبت طائفة إلى ظاهر هذه الأخبار، فقالت: لا يجوز استقبال القبلة، ولا استدبارها بغائط، ولا بول، في البراري والمنازل، هذا قول سفيان الثوريّ، وقال أحمد بن حنبل: يعجبني أن يتوقى في الصحراء والبيوت، وكره مجاهد، والنخعي ذلك.

وحجة هذه الفرقة ظاهر هذه الأخبار التي فيها النهي عن العموم.

ورَخَّصت طائفة في استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول، هذا قول عروة بن الزبير، وكان يقول: وأين أنت منها؟ وقد حُكِيَ هذا القول عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، واحتَجَّ بعض من يوافق هذا القول بما رواه خالد بن أبي الصَّلت، قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز، فذكروا استقبال القبلة بالفروج، فقال عراك بن مالك: قالت عائشة: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذُكِر عنده أن ناسًا يَكرَهون استقبال القبلة بفروجهم، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ قد فعلوها، استقبِلُوا بمقعدي إلى القبلة".

رواه أحمد بن حنبل في "مسنده"، وابن ماجه، وهو حديث ضعيف، قد استوفى علله في "تهذيب التهذيب" (?) في ترجمة خالد بن أبي الصلت، فتحسين النوويّ له في "شرحه" غير مقبول، فتنبّه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015