لكنه لم يذكر فيه الحجّ، وهو متّفقٌ عليه، فقال: "آمركم بالإيمان بالله وحده، هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدّوا خمس ما غنمتم، أو خمسًا من المغنم". وقد رُوي في بعض طرقه: "الإيمان بالله، وشهادة أن لا إله إلا الله"، لكن الأول أشهر، وفي رواية أبي سعيد - رضي الله عنه -: "آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: اعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئًا".
وقد فَسَّر في حديث شعب الإيمان الإيمان بهذا وبغيره، فقال: "الإيمان بضع وستّون، أو بضع وسبعون شعبةً، أفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان". وقد ثبت عنه من وجوه متعدّدة أنه قال "الحياءُ شعبة من الإيمان " من حديث ابن عمر، وابن مسعود، وعمران بن حصين - رضي الله عنهما - وقال أيضًا: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين"، وقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه"، وقال: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن"، قيل: من يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يأمن جاره بوائقه". وقال: "من رأى منكم منكرًا فليُغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وقال: "ما بعث الله من نبيّ إلا كان في أمته قوم يهتدون بهديه، ويستنّون بسنّته، ثم إنه يخلُف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمنٌ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل"، وهذا من أفراد مسلم. وكذلك في أفراد مسلم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أو لا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم"، وقال في الحديث المتّفق عليه من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه -، ورواه البخاريّ من حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب النهبة، يرفع الناس إليه فيها أبصارهم، وهو مؤمن".