وقال النوويّ رحمه الله: معناه: الصبر المحبوب في الشرع، وهو الصبر على طاعة الله تعالى، والصبر عن معصيته، والصبر أيضًا على النائبات، وأنواع المكاره في الدنيا، والمراد أن الصبر محمود، ولا يزال صاحبه، مستضيئًا، مهتديًا، مُستَمِرًّا على الصواب.
قال إبراهيم الخوّاص: الصبر هو الثبات على الكتاب والسنّة. وقال ابن عطاء: الصبر الوقوف مع البلاء بحسن الأدب.
وقال الأستاذ أبو علي الدّقّاق: حقيقة الصبر أن لا يعترض على المقدور، فأما إظهار البلاء، لا على وجه الشكوى، فلا ينافي الصبر، قال الله تعالى في أيوب عليه السلام: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} الآية [ص: 44]. مع أنه قال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} الآية [الأنبياء: 83]. والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (?). وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الثامنة - إن شاء الله تعالى -.
(وَالْقُرْآنُ حُجّةٌ لَكَ، أَوْ عَلَيْكَ) أي تنتفع به إن تلوته، وعَمِلتَ به، وإلا فهو حجة عليك (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: يعني أنك إذا امتثلت أوامره؛ واجتنبت نواهيه، كان حجة لك في المواقف التي تُسأل فيها عنه، كمسألة الملكين في القبر، والمسألة عند الميزان، وفي عقبات الصراط، وإن لم تمتثل ذلك احتُجّ به عليك.
ويحتمل أن يُراد به أن القرآن هو الذي يُنتهَى إليه عند التنازع في المباحث الشرعية، والوقائع الْحُكْميّة، فبه تَستَدلّ على صحّة دعواك، وبه يَستَدلّ عليك خصمك. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المعنى الأول هو الذي يدلّ عليه السياق، فتأمّله. وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة التاسعة - إن شاء الله تعالى -.
(كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَايعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، أَوْ مُوبِقُهَا) يعني أن كل إنسان