المعارف، وانشراح القلب، ومكاشفات الحقائق؛ لفراغ القلب فيها، وإقباله إلى الله تعالى بظاهره وباطنه، وقد قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} الآية [البقرة: 45]، وقيل: معناه أنها تكون نورًا ظاهرًا على وجهه يوم القيامة، ويكون في الدنيا أيضًا على وجهه البهاءُ، بخلاف من لم يُصَلّ، والله تعالى أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه المعاني كلّها لا تنافي بينها، وليس الخلاف فيها خلاف تناقض وتضادّ، فالأولى أن يحمل الحديث على جميع هذه المعاني، فتنبّه، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة السادسة - إن شاء الله تعالى -.
(وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ) ولفظ ابن ماجه: "وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ": أي دليلٌ على صدق صاحبها في دعوى الإيمان؛ إذ الإقدام على بذل المال خالصًا لله تعالى لا يكون إلا من صادق في إيمانه.
قال القرطبيّ رحمه الله: أي برهان على صحّة إيمان المتصدّق، أو على أنه ليس من المنافقين الذين يَلْمِزون المطّوّعين من المؤمنين في الصدقات، أو على صحّة محبّة المتصدّق لله تعالى، ولمَا لديه من الثواب؛ إذ قد آثر محبّة الله تعالى، وابتغاء ثوابه على ما جُبل عليه من حبّ الذهب والفضّة حتى أخرجه لله تعالى. انتهى كلامه (?).
وقال النوويّ رحمه الله: قال صاحب "التحرير": معنى قوله: "برهان" يُفزَع إليها كما يُفْزَع إلى البراهين، كأن العبد إذا سُئل يوم القيامة عن مَصْرِف ماله، كانت صدقاته براهين في جواب هذا السؤال، فيقول: تصدقت به، قال: ويجوز أن يُوسَم المتصدق بسيماء يُعْرَف بها، فيكون برهانًا له على حاله، ولا يُسأل عن مَصرِف ماله.
وقال غير صاحب "التحرير": معناه: الصدقة حجةٌ على إيمان فاعلها، فإن المنافق يَمتنع منها؛ لكونه لا يعتقدها، فمن تصدق استُدِلّ بصدقته على صدق إيمانه، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ