إلى نصف ثواب الإيمان. انتهى كلام السنديّ رَحِمَهُ اللهُ (?).
قال الجامع عفا الله عنه: القول بأن المراد بالإيمان هنا الصلاة هو الأرجح، وذلك أنه لما كان الوضوء من شرط صحّتها صار نصفًا لها بهذا الاعتبار، وسيأتي مزيد بسط في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.
(وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ) ولفظ ابن ماجه: "مِلْءُ الْمِيزَانِ"، فيحتمل أن يكون بصيغة المصدر، من إطلاق المصدر، وإرادة اسم الفاعل، بمعنى مالئ الميزان، أو بصيغة الماضي، عبّر به لتحقّق وقوعه، كقوله عز وجل: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}.
ثم ما دلّ عليه ظاهر الحديث من أن "الحمد لله" نفسها تملأ الميزان، من غير تأويل بثوابها هو الحقّ؛ لعدم ما يمنع من ذلك.
قال السنديّ رحمه الله: قوله: "تملأ الميزان" بصيغة الماضي، كأنه وقع وتحقّق، وظاهره أن الأعمال تُجسّد عند الوزن، أو بصيغة المصدر. انتهى.
وقال النوويّ رحمه الله: أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والحمد لله تملأ الميزان": فمعناه عِظَمُ أجرها، وأنه يملأ الميزان، وقد تظاهرت نصوص القرآن، والسنة على وزن الأعمال، وثقل الموازين، وخفّتها. انتهى (?).
فقال الجامع عفا الله عنه: قوله: "عِظَم أجرها"، فيه نظرٌ؛ إذ هو حمل للوزن على وزن الثواب، وهو خلاف ظاهر النصّ، ومما يردّه قوله في آخر كلامه: "على وزن الأعمال"، فالأولى إبقاء النصّ على ظاهره، كما أسلفناه آنفًا، فتبصّر، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الخامسة، والحادية عشرة - إن شاء الله تعالى -.
(وَسُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلَآن، أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قال النوويّ رحمه الله: ضبطناه بالتاء المثنّاة من فوقُ في "تملآن"، و"تملأ"، وهو صحيح، فالأول ضمير مؤنثتين غائبتين، والثاني ضمير هذه الجملة من الكلام، وقال صاحب "التحرير": يجوز "تملآن" بالتأنيث والتذكير جميعًا، فالتأنيث على ما ذكرناه، والتذكير على إرادة النوعين من الكلام، أو الذكرين، قال: وأما "تملأ" فمذكر على إرادة الذكر.