النسائيّ، وابن ماجه، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب.
(قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "الطُّهُورُ" بضمّ الطاء على المختار، وقول الأكثرين، ويجوز فتحها كما تقدم تحقيقه، والمراد به الفعل، وهو مبتدأ خبره (شَطْرُ الْإِيمَانِ) أصل الشطر: النصف، وقد اختلف فيه هنا، فقيل: معناه أن الأجر فيه يَنتهِي تضعيفه إلى نصف أجر الإيمان، وقيل: معناه أن الإيمان يَجُبُّ ما قبله من الخطايا، وكذلك الوضوء؛ لأن الوضوء لا يصحّ إلا مع الإيمان، فصار لتوقفه على الإيمان في معنى الشطر، وقيل: المراد بالإيمان هنا الصلاة، كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، والطهارة شرط في صحة الصلاة، فصارت كالشطر، وليس يلزم في الشطر أن يكون نصفًا حقيقيًّا.
قال النوويّ رحمه الله: وهذا القول أقرب الأقوال، ويحتمل أن يكون معناه: أن الإيمان تصديق بالقلب، وانقياد بالظاهر، وهما شطران للإيمان، والطهارة متضمنة الصلاة، فهي انقياد في الظاهر، والله تعالى أعلم. انتهى (?).
ووقع في رواية ابن ماجه بلفظ: "إِسْبَاغُ الْوُضوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ". قال السنديّ رحمه الله في "شرحه": ذكروا في توجيهه وجوهًا لا تناسب رواية الكتاب، منها: أن الإيمان يُطهّر نجاسة الباطن، والوضوء نجاسة الظاهر، وهذا إن تمّ يفيد أن الوضوء شطر الإيمان، كرواية مسلم؛ لا أنّ إسباغه شطر الإيمان، كرواية الكتاب، مع أنه لا يتمّ؛ لأنه يقتضي أن يُجعل الوضوء مثل الإيمان وعَديله، لا نصفه، أو شطره، وكذا غالب ما ذكروا، والأظهر الأنسب لما في الكتاب أن يُقال: أراد بالإيمان الصلاة، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. والكلام على تقدير مضاف؛ أي إكمال الوضوء شطر كمال الصلاة.
وتوضيحه: أن إكمال الصلاة بإكمال شروطها الخارجة عنها، وأركانها الداخلة فيها، وأعظم الشرائط الوضوء، فجُعل كماله نصفَ إكمال الصلاة.
ويحتمل أن المراد: الترغيب في إكمال الوضوء، وتعظيم ثوابه، حتى بلغ