دائم الشكر لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، أن جعله من أمة هذا النبيّ الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وأدخله تحت هذا الوعد العظيم، ولقد أحسن من قال، وأجاد في المقال [من الوافر]:
وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيهًا ... وَكِدتُّ بِأَخْمَصِي أَطَأُ الثُّرَيّا
دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِي ... وَأَنْ صيَّرْتَ أَحْمَدَ لِي نَبِيّا
وأراد بقوله: "يا عبادي" قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53].
اللهم لك الحمد على ما مننت، ولك الشكر على ما أوليت، سبحانك لا نُحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، نسألك اللهم أن تُحيينا على سنّته - صلى الله عليه وسلم -، وتُميتنا عليها، وتبعثنا عليها، وتجعلنا من خيار أهلها أحياء وأمواتًا، إنك سميع قريبٌ مجيب الدعوات، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في يأجوج ومأجوج:
(اعلم): أنه اختُلِف فيهم على عدّة أقوال - كما بيّنه في "الفتح" -: قيل إنهم من بني آدم، ثم بني يافث بن نوح، وبه جزم وهب وغيره، وقيل: إنهم من الترك، قاله الضحاك، وقيل: يأجوج من الترك، ومأجوج من الدَّيْلَم، وعن كعب: هم من ولد آدم من غير حَوّاء، وذلك أن آدم؛ نام، فاحتلم، فامَتَزَجت نطفته بالتراب، فخلق منها يأجوج ومأجوج، ورُدّ بأن النبي لا يَحْتَلِم، وأجيب عنه: بأن المنفي أن يرى في المنام أنه يجامع، فيحتمل أن يكون دفق الماء فقط، وهو جائز، كما يجوز أن يبول، والأول المعتمد، وإلا فأين كانوا حين الطوفان؟ .
وجاء في صفتهم ما أخرجه ابن عديّ، وابن أبي حاتم، والطبرانيّ في "الأوسط"، وابن مردويه من حديث حُذيفة - رضي الله عنه - رفعه، قال: "يأجوج أمة، ومأجوج أمة، كلّ أمة أربعمائة ألف، لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذَكَر من صلبه، كلهم قد حَمَل السلاح"، وهو من رواية يحيى بن سعيد العطار، عن محمد بن إسحاق، عن الأعمش، والعطار ضعيف جدًّا، ومحمد بن