عاصم بالهمزة الساكنة فيهما، وهي لغة بني أسد، وقرأ العجاج وولده رؤبة: "أأجوج" بهمزة بدل الياء، وهما اسمان أعجميان عند الأكثر، مُنِعا من الصرف؛ للعلمية والعجمة، وقيل: بل عربيان، واختُلِف في اشتقاقهما، فقيل: من أَجِيج النار، وهو التهابها، وقيل: من الأَجَّة، بالتشديد، وهي الاختلاط، أو شِدّة الحرّ، وقيل: من الأَجّ، وهو سُرْعَةُ الْعَدْو، وقيل: من الأُجَاج، هو الماء الشديدُ الملوحة، ووزنهما يَفْعُول ومَفْعُول، وهو ظاهر قراءة عاصم، وكذا الباقين، إن كانت الألف مُسَهَّلة من الهمزة، فقيل: فاعول، مِن يج مج، وقيل: ماجوج، من ماج: إذا اضطرب، ووزنه أيضًا مفعول، قاله أبو حاتم، قال: والأصل: موجوج، وجميع ما ذُكِر من الاشتقاق مناسب لحالهم، ويؤيِّد الاشتقاق، وقولَ مَن جَعَله من ماج: إذا اضطرب، قولُهُ تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99]، وذلك حين يخرجون من السَّدّ. انتهى (?).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يأجوج ومأجوج خلقٌ كفّار وراء سدّ ذي القرنين، والمراد بهم في هذا الحديث هم، ومن كان على كفرهم، كما أن المراد بقوله: "منكم" أصحابه، ومن كان على إيمانهم؛ لأن مقصود هذا الحديث الإخبار بقلّة أهل الجَنَّة من هذه الأمة بالنسبة إلى كثرة أهل النار من غيرها من الأمم، ويدلّ على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود ... إلخ"، قال: وأما نسبة هذه الأمة إلى من يدخل الجنّة من الأمم فهذه الأمة شطر أهل الجنّة، كما نصّ عليه. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي تمام البحث في يأجوج ومأجوج في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.

وقوله: (أَلْفٌ، وَمِنْكُمْ رَجُلٌ") قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا هو في الأصول والروايات: "ألفٌ"، و"رجلٌ" بالرفع فيهما، وهو صحيح، وتقديره: إنّهُ بالهاء التي هي ضمير الشأن، وحُذفت الهاء، وهو جائز معروف. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره النوويّ من أنه وقع في الأصول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015