وقوله: (فَقَالَ: "أَبْشِرُوا) يَحْتَمل أن تكون همزته همزة قطع، فيكون بفتح أوله، وكسر ثالثه، من الإبشار رباعيًّا، وَيحْتَمِل أن تكون همزة وصل، فيكون بفتح ثالثه ثلاثيًّا، كفرِحَ يفرَح، يقال: بَشَرته بمولود، فأَبْشَر إبشارًا: أي سُرّ، وتقول: أَبْشِر بخير، بقطع الهمزة، وبَشِرتُ بكذا بالكسر أَبْشَرُ، كفرِحتُ أفرَح: استبشرت به، أفاده في "اللسان" (?).

وقال الجوهريّ: بَشَرتُ الرجلَ أَبْشُرُهُ بالضمّ بَشْرًا وبُشُورًا من الْبُشرى، وكذلك الإبشارُ، والتبشير، ثلاث لغات، قال: وبَشِرْتُ بكذا بالكسر أَبْشَرُ: أي استبشرتُ به. انتهى (?).

وقال الفيّوميّ: بَشِرَ بكذا يَبْشَرُ مثلُ فَرِحَ يَفْرَح وزنًا ومعنًي، قال: ويتعدّى بالحركة، فيقال: بَشَرْتُهُ أَبْشُرُ بَشْرًا، من باب قتل في لغة تهامة وما والاها، والتعدية بالتثقيل لغة عامّة العرب، وقرأ السبعة باللغتين. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: أفاد ما ذكروه أن بَشر ثلاثيٌّ يتعدّى ويلزم، وأن المتعدّي من باب نصر، واللازم من باب فَرِحَ، وكذلك أبشر رباعيٌّ يتعدي، ويلزم، فعلى هذا يجوز أن يقرأ هنا بفتح الهمزة، وكسر الشين، من الإبشار رباعيًّا، ويجوز أن يقرأ بفتح الشين مع وصل الهمزة، ثلاثيًّا من باب فَرِحَ، والله تعالى أعلم.

وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "اعمَلُوا وأَبشِروا"، وفي حديث عمران - رضي الله عنه - مثله، وللترمذيّ من طريق ابن جُدْعان: "قاربوا، وسَدِّدوا"، ونحوه في حديث أنس - رضي الله عنه -.

(فَإِنَّ مِنْ يَأجُوجَ وَمَأْجُوجَ) هما غير مهموزين عند جمهور القراء، وأهل اللغة، وقرأ عاصم بالهمز فيهما، وأصله من أَجِيج النار، وهو صوتها، وشَرَرُها، شُبِّهُوا به؛ لكثرتهم، وشدّتهم، واضطراب بعضهم في بعض، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقال في "الفتح": "يأجوج، ومأجوج " بغير همزة لأكثر القراء، وقرأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015