يُنفَخ فيه الروح، فإنه إذا سقط لَمْ يُحْيَ؛ لأن ذلك يوم الإعادة، فمن لَمْ يمت في الدنيا لَمْ يُحْيَ في الآخرة. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكره الْحَليميّ، واستحسنه القرطبيّ هو الأقرب عندي، وحاصله أن كلّ أحد يُبعث على ما مات عليه، فتبعث الحامل حاملًا، فإذا رأت هذا الهول تضع حملها، وكذلك الطفل، يُبعث طفلًا، فيَشيب بسببه، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) أبو سعيد - رضي الله عنه - (فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ) وفي حديث ابن عباس: "فشَقَّ ذلك على القوم، ووقعت عليهم الكآبة والحزن"، وفي حديث عمران عند الترمذيّ من رواية ابن جُدْعان، عن الحسن: "فأنشأ المؤمنون يبكون"، ومن رواية قتادة، عن الحسن: "فَنُبِس القوم حتى ما أَبْدَوا بضاحكة"، و"نُبِس" - بضم النون، وكسر الموحدة، بعدها مهملة - معناه: تكلَّم، فأسرع، وأكثر ما يُستَعْمَل في النفي، وفي رواية شيبان، عن قتادة عند ابن مردويه: "أبلسوا"، وكذا له نحوه من رواية ثابت، عن الحسن، قاله في "الفتح" (?).

(قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ ) قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يَحْتَمِل أن يكون الاستفهام على حقيقته، فكان حقُّ الجواب أن ذلك الواحد فلان، أو من يتصف بالصفة الفلانية، وَيحْتَمِل أن يكون استعظامًا لذلك الأمر، واستشعارًا للخوف منه، فلذلك وقع الجواب بقوله: "أبشروا"، ووقع في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "فقالوا: يا رسول الله، إذا أُخِذ منّا من كلّ مائة تسعة وتسعون، فماذا يبقى؟ "، وفي حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -: "فَبَكَى أصحابه".

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: لَمّا سمِعَ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ ألفًا إلَّا واحدًا للنار، وأن واحدًا للجنّة اشتدّ خوفهم لذلك، واستقلّوا عدد أهل الجنّة منهم، واستَبْعد كلُّ واحد منهم أن يكون هو ذلك الواحد، فسكّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خوفهم، وطيَّبَ قلوبهم، فقال: "أَبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفًا، ومنكم رجلٌ"، ويعني بالألف هنا: التسعمائة والتسعة والتسعين المتقدّمة الذكر. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015