[فإن قيل]: كيف طابق الجواب السؤال؛ لأنه قال: "لاتخذناه عيدًا"،
وأجاب عمر - رضي الله عنه - بمعرفة الوقت، والمكان، ولم يقل: جعلناه عيدًا؟ .
[والجواب] عن هذا: أنها نزلت في أخريات نهار عرفة، ويوم العيد،
إنما يتحقق بأوله، وقد قال الفقهاء: إن رؤية الهلال بعد الزوال للقابلة.
قال الحافظ رحمه الله: قاله هكذا بعض من تقدم، وعندي أن هذه الرواية اكتُفي
في بالإشارة، وإلا فرواية إسحاق عن قبيصة قد نصت على المراد، ولفظه:
"نزلت يوم جمعة، يوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد"، لفظ الطبريّ،
والطبرانيّ: "وهما لنا عيدان"، وكذا عند الترمذيّ من حديث ابن عباس: "أن
يهوديًّا سأله عن ذلك، فقال: نزلت في يوم عيدين: يوم جمعة، ويوم عرفة".
فظهر أن الجواب تضمن أنهم اتخذوا ذلك اليوم عيدًا، وهو يوم الجمعة،
واتخذوا يوم عرفة عيدًا؛ لأنه ليلة العيد، وهكذا كما جاء في الحديث المتقدّم
في "الصيام": "شهرا عيد لا ينقصان: رمضان، وذو الحجة"، فسمّي رمضان
عيدًا؛ لأنه يعقبه العيد. انتهى.
[تنبيه]: في هذا الحديث بيانُ ضَعْف ما أخرجه الطبريّ بسند فيه ابن
لهيعة، عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت يوم الإثنين، وضَعْف ما أخرجه من
طريق العوفيّ عن ابن عباس: أن اليوم المذكور ليس بمعلوم، وعلى ما أخرجه
البيهقيّ بسند منقطع: أنها نزلت يوم التروية، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناء الكعبة، فأمر
الناس أن يروحوا إلى منى، وصلى الظهر بها، قال البيهقيّ: حديث عمر
أولى، قال الحافظ: وهو كما قال. انتهى (?).
وقوله: (قَالَ سُفْيَانُ)؛ يعني: الثوريّ، (أَشُكُّ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، أَمْ لَا، يَعْنِي:
{أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}) سيأتي في الرواية التالية عن قيس بن
مسلم الجزم بأن ذلك كان يوم الجمعة، فلا يضرّ شكّ سفيان، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عمر - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه: